تصاعد المقاومة الفلسطينية: عمليات نوعية تربك الاحتلال وتعيد رسم المعادلات
في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، تثبت المقاومة يوماً بعد يوم قدرتها على مواجهة آلة الحرب الاحتلالية وفرض معادلات جديدة. من عمليات نوعية في الضفة الغربية إلى ضربات مركزة في قطاع غزة، تتشابك المواقف الميدانية والسياسية لتشكل لوحة من الصمود والإصرار الفلسطيني، في وجه عدو يمعن في قتل المدنيين وتدمير الأرض.
في ظل معركة "طوفان الأقصى"، تواصل المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة رسم ملامح مرحلة جديدة من المعركة مع الاحتلال الإسرائيلي، حيث شهدت الساعات الأخيرة تصعيدًا ملحوظًا في العمليات الميدانية التي تجسّد إصرار الشعب الفلسطيني على مواجهة العدوان بكل الوسائل المتاحة. ففي الضفة الغربية، تم تنفيذ 21 عملية مقاومة خلال 24 ساعة فقط، شملت ثلاث عمليات إطلاق نار وتفجير عبوتين ناسفتين إلى جانب اندلاع مواجهات عنيفة في 14 نقطة، حيث اندلعت اشتباكات مسلحة في نابلس، لا سيما في مخيم عسكر، حيث فجّر المقاومون عبوات ناسفة استهدفت آليات الاحتلال، كما أطلق مقاومون النار تجاه حاجز للاحتلال قرب قرية ياصيد، بينما شهدت بلدة يعبد تفجير عبوات ناسفة بآليات إسرائيلية، فيما تصاعدت المواجهات في بلدات قصرة وأوصرين وسبسطية حيث استخدمت الزجاجات الحارقة للتصدي لقوات الاحتلال، وتصدّى أهالي بيت فوريك بشجاعة لهجوم المستوطنين على البلدة.
جنوبًا في الضفة الغربية، شهدت مناطق الخليل مواجهات عنيفة بين الشبان وقوات الاحتلال في مخيم الفوار وبلدة سعير، فيما امتدت المواجهات إلى بلدات كفر قدوم وعزون في قلقيلية، الأمر الذي يعكس تصاعد العمل المقاوم واتساع رقعة الاشتباك مع الاحتلال ضمن معركة طوفان الأقصى التي ما زالت تعصف بالاحتلال على مختلف الجبهات.
في قطاع غزة، أعلنت كتائب القسام عن مقتل أسيرة إسرائيلية شمالي القطاع نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي الذي استهدف مواقع الحراسة المكلفة بحماية الأسرى، مما أدى إلى استشهاد بعض الحراس المكلفين، وحذّر الناطق العسكري باسم القسام، أبو عبيدة، الاحتلال من "معضلة اختفاء جثث أسراه القتلى"، مؤكدًا أن تعنّت حكومة الاحتلال بقيادة بنيامين نتنياهو ورفضها إبرام صفقات تبادل يزيد من تفاقم الأزمة، كما شدّد أبو عبيدة على أن أي محاولة عسكرية لتحرير الأسرى ستنتهي بعودتهم إلى عائلاتهم داخل توابيت، في وقت تتصاعد فيه المطالب داخل إسرائيل بوقف الحرب والدخول في مفاوضات لإنقاذ الأسرى، وسط استطلاعات رأي تؤكد أن غالبية الإسرائيليين يرون أن إنقاذ الأسرى أهم من استمرار العدوان.
ميدانيًا في غزة، نفذت كتائب القسام عمليات نوعية أربكت الاحتلال، حيث استهدفت قوة هندسية إسرائيلية في رفح بقذيفة مضادة للأفراد أدت إلى إصابة خمسة جنود، كما تم تدمير ناقلتي جند بقذائف متطورة من طراز "الياسين 105"، فيما استهدفت ناقلة أخرى بعبوة "شواط" شمال القطاع، وامتدت العمليات إلى قصف قاعدة "رعيم" العسكرية بعدد من صواريخ "رجوم" قصيرة المدى، ما ألحق أضرارًا بالغة في الموقع، بالإضافة إلى استهداف منزل تحصّنت فيه قوة إسرائيلية في جباليا بقذيفة "الياسين"، ما أدى إلى تصاعد الدخان من الموقع.
وفي إطار العمليات المشتركة، نفذت كتائب المجاهدين بالتنسيق مع سرايا القدس عملية استهدفت مقرًا للقيادة والسيطرة الإسرائيلية في محور "نتساريم" برشقات صاروخية، في دليل واضح على التكامل بين فصائل المقاومة في مواجهة الاحتلال، الذي اعترف بمقتل جندي من لواء "غفعاتي" خلال اشتباكات شمال غزة، في حين تواصل المقاومة عملياتها المركبة التي تُوقع المزيد من الخسائر في صفوف الاحتلال وتزيد من حدة ارتباكه.
تأتي هذه التطورات في وقت تُثبت فيه معركة "طوفان الأقصى" أنها محطة مفصلية في تاريخ المقاومة الفلسطينية، إذ توحدت كافة الجبهات من الضفة إلى غزة في مواجهة العدوان، مكبّدة الاحتلال خسائر بشرية ومادية كبيرة، ومؤكدة أن هذه المعركة لن تتوقف حتى تحقيق أهدافها، في ظل إرادة فلسطينية لا تعرف الانكسار وصمود شعبي يُعيد تشكيل معادلة الصراع في المنطقة.