المقاومة الفلسطينية: ملحمة الصمود التي تقهر المستحيل
من بين الأنقاض التي خلفها القصف العنيف والحصار المطبق الذي يعيشه الفلسطينيون يكتب جنود المقاومة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية قصصاً يتجاوز فيها الإنسان حدود المعقول. قصص تسطّر بدماء المقاومين وبصمودهم ملحمة لا تنتهي، في وجه أعتى الجيوش وأكثرها تجهيزًا ودعمًا عالميًا.
تحت الحصار الخانق، وأمام قصف لا يهدأ، تُولد معجزات يومية ترويها عبوات تُفجّر دبابات، وكمائن تُربك جنرالات العدو، وأيادٍ فلسطينية تسطر بدمائها تاريخًا لا يُمحى. هنا، لا تُقاس المعركة بحجم القوة، بل بحجم الإيمان بعدالة القضية، والإصرار على انتزاع الحرية مهما كان الثمن.
هنا حيث تتجسد معاني الشجاعة الأسطورية في جنود كتائب القسام، الذين يتحدّون التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية المدعومة أمريكيًا وأوروبيًا. مشاهدهم البطولية تتكرر يوميًا: العبوات الناسفة تُدمّر الدبابات، وصواريخ الياسين تُحيل دبابات الميركافاه إلى رماد، وقناصو المقاومة يثبتون أن الرصاصة الفلسطينية تصيب أهدافها بدقة لا تعرف الخطأ.
في بيت لاهيا، خرج مجاهد قسامي من نفق تحت الأرض ليضع عبوة ناسفة فوق دبابة إسرائيلية على مسافة صفر. لحظات قليلة فصلت بين عودته إلى خندقه وانفجار الدبابة، تاركًا خلفه مشهدًا يُجسد إرادة المقاومة التي لا تلين. هذا العمل أدى إلى مقتل جنديين إسرائيليين، ما كشفته لاحقًا وسائل إعلام إسرائيلية رغم محاولات التعتيم الرسمي.
في الضفة الغربية، تواصلت معركة "طوفان الأقصى" عبر 28 عملاً مقاومًا خلال 24 ساعة، تضمنت إطلاق النار، تفجير العبوات الناسفة، والمواجهات العنيفة مع قوات الاحتلال. في طوباس وجنين، نجح المقاومون في إسقاط طائرات استطلاع إسرائيلية، بينما فجّرت العبوات الناسفة آليات عسكرية في محاور متعددة، لتؤكد أن المقاومة في الضفة تسير جنبًا إلى جنب مع صمود غزة.
رغم القصف المتواصل الذي يهدف إلى تدمير الأرض والبنية التحتية، تمكنت المقاومة الفلسطينية من تحقيق إنجازات نوعية أبرزها السيطرة على طائرات مسيرة: كتائب القسام وسرايا القدس أعلنتا الاستيلاء على 3 طائرات استطلاع إسرائيلية خلال مهام استخبارية وتدمير تجمعات الاحتلال في شمال غزة وجنوب رفح باستخدام قذائف الهاون والعبوات الناسفة.
من شيخ الستين عامًا الذي فجر دبابة العدو بيديه، إلى الشاب الذي يقاتل في الأنفاق، أثبتت المقاومة الفلسطينية أن الروح القتالية تتجذر في أعماق الشعب الفلسطيني. هذه المقاومة ليست مجرد تنظيمات عسكرية، بل هي انعكاس لروح أمة بأكملها ترى في النضال طريقها الوحيد للحرية.
فإن حصاد المقاومة في غزة والضفة الغربية يُثبت أن القتال ليس مجرد معركة عسكرية، بل هو معركة إرادات. العدو، رغم تفوقه العسكري، يقف عاجزًا أمام شجاعة المقاوم الفلسطيني الذي يتحدى المستحيل دفاعًا عن أرضه وشعبه. إنها معركة الحق أمام القوة، ولن يغلب الحق طالما أن هناك شعبًا يصنع من صموده أسطورة تبقى خالدة في وجه الطغاة.