خيبر المقاومة: معادلة النار والردع تُعيد رسم خرائط الاحتلال
من صواريخ دقيقة إلى طائرات مسيرة انقضاضية، تظهر المقاومة قدرة غير مسبوقة على توجيه ضربات مؤلمة للعدو في الوقت والمكان الذي تختاره، ما يعكس توازنًا جديدًا في موازين القوى.
في تصعيد نوعي وتأكيد على قدرة المقاومة الإسلامية على فرض معادلات جديدة في ساحة المعركة أطلقت المقاومة يوم امس الإثنين سبعة وعشرون عملية ضمن سلسلة العمليات العسكرية الدقيقة والمركبة، التي استهدفت مواقع حساسة في عمق الأراضي المحتلة، من مستوطنات ومراكز عسكرية استراتيجية. عمليات "خيبر" التي نفذها مجاهدو المقاومة حملت رسائل نارية ليس فقط إلى العدو الإسرائيلي، بل إلى العالم أجمع، مفادها أن المقاومة، بكل عزيمة وقوة، قادرة على تغيير قواعد الاشتباك وتوجيه ضربات مؤلمة على طول جغرافيا فلسطين المحتلة.
تُسجّل هذه العمليات نقطة تحول جديدة في موازين القوى، حيث تجاوزت المقاومة حدود الرد الدفاعي لتصنع حالة من الردع الاستراتيجي، مؤكدة أن أي مساس بمقدسات الأمة أو أي عدوان على لبنان وغزة سيكون له ثمن باهظ، يتجاوز حدود الجغرافيا.
تضمنت هذه العمليات استهداف مستوطنات مثل كريات شمونة ومعالوت ترشيحا، وقواعد عسكرية مركزية مثل قاعدة شراغا المخصصة لقيادة لواء غولاني، إلى جانب هجمات نوعية بطائرات مسيرة استهدفت مواقع استراتيجية تمتد إلى تل أبيب. هذه الضربات الدقيقة والفعالة أثبتت أن المقاومة الإسلامية لا تكتفي بردع العدو عند الحدود، بل تسعى إلى زلزلة مواقعه في العمق، مؤكدة أنها قادرة على الوصول إلى قلب مراكز القوة العسكرية للاحتلال.
الرسالة الأولى كانت واضحة في استهداف التجمعات العسكرية في المستوطنات الشمالية، والتي تمثل نقاط تمركز استراتيجية لجيش العدو. هذه الضربات لم تكن عشوائية، بل اتسمت بالدقة والحسم، مما أربك المنظومة الدفاعية الإسرائيلية وأثبت هشاشتها.
أما الرسالة الثانية فجاءت من خلال استخدام الطائرات المسيرة الانقضاضية في هجمات نوعية على قواعد مثل رغفيم وتل حاييم، والتي تعدّ مراكز حيوية للتدريب والاستخبارات. هذه الضربات حملت توقيعًا جديدًا من المقاومة الإسلامية، مفاده أن التكنولوجيا والابتكار أصبحا أدوات رئيسية في معركة التحرير.
العمليات النوعية الأخيرة، التي حملت شعار "خيبر" ونداء "لبيك يا نصر الله"، تجاوزت المعنى العسكري لتصبح رسائل سياسية وعقائدية تؤكد وحدة الساحات. من الشمال إلى الجنوب، ومن الحدود إلى تل أبيب، أثبتت المقاومة أنها قادرة على تحويل الجغرافيا إلى ميدان مفتوح تُعاد فيه صياغة المعادلات لصالحها.
ما يُميز هذه العمليات ليس فقط اتساع نطاقها الجغرافي، بل تعدد أدواتها وضربها لنقاط ضعف الاحتلال بدقة متناهية. في كل مرة كانت المقاومة تستهدف المستوطنات، القواعد، أو المراكز الحساسة، كانت تُظهر استعدادها لرفع سقف المواجهة. هذا النهج يجعل الاحتلال في حالة استنزاف دائم، غير قادر على التنبؤ بالضربة القادمة أو تفاديها.
المقاومة الإسلامية، التي أطلقت هذه السلسلة من العمليات، لم تُرسل فقط رسائل نار إلى العدو، بل أعادت تأكيدها على معادلة ردع جديدة: أي اعتداء على لبنان أو غزة سيقابل بزلزلة الأرض تحت أقدام الاحتلال، من الشمال إلى الجنوب ومن الحدود إلى العمق.