التفاوض تحت النار... المقاومة تقلب الموازين من عاصمة لبنان إلى قلب الكيان
من بيروت الجريحة إلى تل أبيب المشتعلة، تُكتب قواعد الردع بالنار لا بالكلمات. هنا، التفاوض تحت النار ليس استسلامًا، بل سلاح يُسقط غطرسة المحتل ويرسم ملامح النصر بسيادةٍ لا تُساوَم. من الجنوب إلى الضاحية، ومن رأس النبع إلى زقاق البلاط، صواريخ المقاومة تطرق أبواب الاحتلال وتؤكد أن الكلمة الأخيرة تُحسم في الميدان."
حين تظن آلة العدوان أنها قادرة على إملاء شروطها بنيران الغدر وأشلاء الأبرياء، تأتي المقاومة لتعيد رسم المشهد وتثبت أن إرادة الشعوب لا تُكسر مهما بلغت وحشية المعتدين. في معركة لا تقبل المهادنة، يقف لبنان اليوم صامدًا في وجه حربٍ يريد الاحتلال الإسرائيلي من خلالها أن يفرض معادلاته بالنار والدمار، بينما تثبت المقاومة الإسلامية أن قواعد الاشتباك تُكتب بدماء الشهداء، وأن الميدان هو الحكم الفصل الذي يحدد مصير أي مفاوضات أو اتفاقات.
إنها معركة "التفاوض تحت النار"، حيث ظن الاحتلال أنه قادر على كسر إرادة المقاومة عبر استهداف المدنيين وتوسيع رقعة القصف من الجنوب إلى بيروت، لكن المقاومة، بمعادلاتها الراسخة وصواريخها الدقيقة، قلبت الطاولة، لتعلن بوضوح أن من يمتلك اليد العليا على الأرض، يمتلك أيضًا الكلمة الفصل في السياسة. إنها معركة الإرادة ضد الغطرسة، والسيادة ضد الاحتلال، حيث كل صاروخٍ يسقط في عمق تل أبيب يكتب سطورًا جديدة من معادلة الردع التي لن تسمح بإملاء إرادة المعتدي على لبنان وشعبه.
التصعيد الإسرائيلي الأخير، الذي شمل قصفًا مكثفًا على رأس النبع ومار إلياس وزقاق البلاط في بيروت، قوبل بردٍ سريع ومدوٍّ من المقاومة الإسلامية. صواريخ نوعية استهدفت عمق تل أبيب، بما في ذلك قاعدة "تل حاييم" التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، ما أدى إلى إصابات مباشرة وسط عجز منظومات الدفاع الإسرائيلية، وعلى رأسها القبة الحديدية، عن التصدي لهذا السيل الجارف من الصواريخ الدقيقة والمسيرات الانقضاضية.
العدو، الذي استند إلى استراتيجية استهداف المدنيين للضغط على لبنان، وجد نفسه في مواجهة ضربات عسكرية نوعية أوجعت قلب كيانه الغاصب. سقوط صاروخ باليستي في "رمات غان" واندلاع حرائق وأضرار جسيمة بمبانٍ وحافلات كشف هشاشة المنظومة الأمنية الإسرائيلية أمام إرادة المقاومة التي لا تعرف التراجع.
محاولات الاحتلال لتغيير قواعد اللعبة تأتي في ظل اعتقاد خاطئ أن لبنان اليوم هو لبنان الأمس. ما يغفل عنه العدو أن المقاومة الإسلامية باتت تمتلك زمام المبادرة، معادلة واضحة كتبت بدماء شهدائها، وعلى رأسهم القائد الشهيد السيد حسن نصر الله.
كل قصف يستهدف بيروت أو الضاحية يقابله ردٌّ مباشر ومدروس يُعيد المعادلة إلى نصابها. صواريخ المقاومة التي اخترقت دفاعات الاحتلال هي رسالة نارية: الزمن الذي كانت إسرائيل تملي فيه إرادتها قد انتهى، والمقاومة اليوم هي من تضع الشروط وتحدد سقف المواجهة.
لقد أثبتت المقاومة أن أي تصعيد إسرائيلي لن يمر دون عقاب صارم. استهداف المدنيين في بيروت، وما خلفه من دمار واستشهاد شخصيات بارزة، قوبل بتصعيد أعنف طال العمق الإسرائيلي. المقاومة الإسلامية لا تتعامل مع الاعتداءات بردود أفعال عشوائية، بل تخوض معركة محسوبة الأبعاد، مدروسة الخطوات، ترسم من خلالها قواعد جديدة للمواجهة.
الرهان اليوم على المقاومة التي أثبتت أنها الرقم الصعب في المعادلة الإقليمية، والقوة الوحيدة التي تستطيع إيلام العدو عسكريًا وسياسيًا واستراتيجيًا، محققة معادلة واضحة: "التفاوض تحت النار" ليس سلاحًا إسرائيليًا فقط، بل صار أحد أسلحة المقاومة التي لا تعرف إلا طريق العزة والانتصار.