من غزة إلى الضفة...مقاومة تبتكر وصمود لا ينكسر
مع كل ضربة موجعة توجهها كتائب المقاومة للآليات المتوغلة في شمال القطاع، ومع كل كمين يُحكم حول قوات الاحتلال في أزقة جباليا، يُرسّخ الشعب الفلسطيني موقفه الثابت: أن العدو لن يمرّ، وأن أرض غزة والضفة لا تزال وفيةً لمشروع التحرير، عصيةً على الانكسار.
في ظلّ عدوان لا يرحم، وحصارٍ يضيق خناقه على قطاع غزة وأهلها، تواصل المقاومة الفلسطينية ردّها العنيد على توغلات الاحتلال الإسرائيلي. وبينما يحاول الاحتلال تطويق الإرادة الفلسطينية وترويضها، تُثبت الفصائل المقاتلة أنها قادرة على قلب المعادلات بعمليات نوعية وصمودٍ يتحدى كافة الظروف.
المقاومة الفلسطينية نفذت عمليات مركزة ضد آليات الاحتلال وقواته المتوغلة في شمال قطاع غزة، مما أسفر عن خسائر فادحة. حيث استهدفت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، دبابة إسرائيلية من طراز "ميركافا 4" في منطقة الصفطاوي بقذيفة "تاندوم"، ما أدى إلى تدميرها وإصابة من فيها. كما نفذت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، عملية نوعية أخرى باستهداف دبابة "ميركافا" بقذيفة مماثلة في منطقة التوبة، وسط مخيم جباليا، مما أسفر عن خسائر إضافية في صفوف قوات الاحتلال. من جانبها، تمكنت كتائب شهداء الأقصى من تدمير آلية عسكرية إسرائيلية من طراز "نمر" بقذيفة مضادة للدروع في محور التوغل بمنطقة جباليا، موقعةً خسائر في صفوف الجنود ومزيدًا من استنزاف قوة الاحتلال وقدرته على التقدم.
تأتي هذه العمليات في ظل تنسيق واضح بين فصائل المقاومة، حيث شنت كتائب الشهيد عبد القادر الحسيني، بالاشتراك مع كتائب شهداء الأقصى، قصفًا مكثفًا على مقر القيادة والسيطرة الإسرائيلي في محور "نتساريم" باستخدام صواريخ من طراز "107" وقذائف هاون ثقيلة. في الوقت ذاته، نشرت كتائب المجاهدين مشاهد لاستهداف نفس المقر بصواريخ "حاصب 111"، مما أبرز تكامل العمل المقاوم وتعدد الجهات المنفذة لضربات مؤلمة للاحتلال. وقد تزامنت هذه العمليات مع الذكرى العشرين لاستشهاد الرئيس ياسر عرفات، في رسالة واضحة بأن غزة ستظلّ متمسكة بخيار المقاومة مهما اشتدت الصعوبات، وستظلّ وفيةً لرموز التحرير والكفاح الفلسطيني.
من جانبها، اعترفت مصادر إعلامية إسرائيلية بالخسائر الكبيرة، حيث أعلنت عن مقتل ضابط رفيع برتبة رائد وأربعة جنود آخرين إثر قذيفة "آر بي جي" في جباليا، كما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن المتحدث باسم جيش الاحتلال تأكيده أن قوة عسكرية وقعت في كمين محكم شرق جباليا، فيما شوهدت مروحيات عسكرية تهبط لنقل الجرحى والقتلى. وتعكس هذه المشاهد حجم التأثير الميداني والنفسي على قوات الاحتلال، التي تجد نفسها في استنزاف مستمر أمام تكتيكات المقاومة.
وبالتزامن مع عمليات غزة، امتدت المقاومة إلى الضفة الغربية، حيث شهدت بلدة الخضر جنوب الضفة عملية نوعية جديدة؛ إذ أصيب جنديان إسرائيليان في عملية دهس قرب بلدة الخضر غرب بيت لحم، في خطوة جديدة من التصعيد الذي يشهده الاحتلال في مناطق الضفة. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن مركبة فلسطينية اخترقت حاجزًا عسكريًا قرب بيت لحم، وأصابت الجنديين قبل أن يتمكن السائق من الانسحاب. وردًا على العملية، دفعت قوات الاحتلال بتعزيزات إلى موقع الحادث وشرعت في عمليات تمشيط واسعة واقتحام مدينة بيت لحم في محاولة للقبض على منفذ العملية.
وتزامنًا مع هذه التطورات، أكدت حركة حماس في بيان لها أن استمرار المقاومة في توجيه الضربات النوعية يؤكد فشل الاحتلال في كسر إرادة الفلسطينيين أو القضاء على جذوة المقاومة. وجاء في البيان أن "استمرار العدوان سيُقابل بمزيد من العمليات الموجعة التي لن تتوقف إلا بإنهاء العدوان وانسحاب الاحتلال من القطاع". وترى فصائل المقاومة الفلسطينية في عملياتها إطارًا لحرب استنزاف تُكبد الاحتلال خسائر يومية، ما يعزز موقفها أمام محاولات الاحتلال تحقيق أي مكاسب عسكرية في القطاع.