06 تشرين ثاني , 2024

إقالة غالانت تفضح عمق الانقسامات وتفاقم أزمة الثقة في حكومة الاحتلال

في خطوة هزّت أركان حكومة الاحتلال، أقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزير الحرب يوآف غالانت، في قرار وصفه العديد بـ"الانتحار السياسي". هذه الإقالة، التي فجرّت سلسلة من الاحتجاجات الشعبية والأزمات الداخلية لتعكس بوضوح عمق الانقسامات داخل النظام الصهيوني في وقت يتصاعد فيه التوتر الأمني مع غزة.

في خطوة غير مسبوقة تعمّق الشرخ السياسي داخل الكيان الصهيوني، أقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إقالة وزير الحرب يوآف غالانت، مما أشعل شرارة الغضب في الشارع الإسرائيلي وفضح هشاشة النظام الحاكم. القرار الذي أثار استهجانًا واسعًا يعكس الانقسام العميق الذي يسري كسم زعاف في أوصال حكومة الاحتلال، ويعكس حالة من التخبط السياسي في مواجهة الأزمات المتلاحقة، خاصة مع تصاعد الحرب في غزة واشتداد المقاومة الفلسطينية.

عمق الشرخ الداخلي بين نتنياهو وغالانت جاء قرار نتنياهو بإقالة غالانت مدفوعًا بما وصفه بـ"أزمة ثقة" شلّت القدرة على "إدارة الحرب"، لكن الوقائع تشير إلى أزمة أعمق تتعلق بتصاعد الخلافات حول ملفات جوهرية: قانون التجنيد، صفقة تبادل الأسرى مع غزة، وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في كارثة السابع من أكتوبر. هذه القضايا تداخلت مع شبكة المصالح الشخصية لنتنياهو، الذي بدا مستعدًا لاستخدام أي وسيلة للبقاء على رأس هرم السلطة، حتى لو كانت على حساب حلفائه الأقرب.

اتهامات للقيادة بالفشل وخيانة أمن الكيان أثار قرار إقالة غالانت سيلاً من الانتقادات الحادة داخل الكيان؛ حيث وصف زعيم المعارضة يائير لابيد الخطوة بأنها "انتحار سياسي"، واتهم نتنياهو "ببيع أمن إسرائيل وأرواح الجنود مقابل مكاسب رخيصة". وقال بيني غانتس إن هذه "إقالة سياسية تضع أمن الكيان في مهب الريح". كما وصف رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك قرار نتنياهو بأنه "خيانة للمبادئ الأمنية" واستمرار في "نهج الفشل". يُظهر هذا الإجماع غير المسبوق حجم السخط داخل الأوساط السياسية والأمنية، ويشير إلى أن الشرخ في النظام لم يعد مجرد تباينٍ في الآراء بل تفككًا عميقًا في البنية القيادية.

غضب جماهيري واحتجاجات متصاعدة تسبب قرار إقالة غالانت في اندلاع احتجاجات واسعة اجتاحت مختلف المدن، حيث أغلقت شرطة الاحتلال الطرق حول مقر نتنياهو في القدس وسط تصاعد أعداد المتظاهرين. في تل أبيب، أغلق آلاف المحتجين تقاطع أيالون، بينما اندلعت مواجهات مع الشرطة في حيفا والقدس المحتلة. هذه الانتفاضة الشعبية تعكس فقدان الثقة العميق بالقيادة السياسية، والتي أصبحت بنظر العديد "رمزًا للفساد السياسي والجنون السلطوي

صمت محفوف بالحذر ورسائل مبطنة رغم انشغال الإدارة الأمريكية بالانتخابات، أعرب مسؤولون أمريكيون عن صدمتهم من قرار إقالة غالانت في هذا التوقيت الحرج، واصفين القرار بأنه "جنون سياسي". وأشارت صحيفة هآرتس إلى أن واشنطن تدرك مدى التعقيدات التي يواجهها أي وزير حرب في حكومة نتنياهو المتخبطة، معتبرةً أن تعيين جدعون ساعر لن يكون له نفس الوقع في البيت الأبيض. هذا التعليق الضمني يعكس توترًا خفيًا بين إسرائيل وأكبر داعميها، ويشير إلى قلق أمريكي من تداعيات فقدان القيادة الإسرائيلية لسيطرتها الداخلية.

كيان مأزوم ونظام حاكم يترنح تحت وطأة الفشل تكشف هذه الأحداث عمق الأزمة في النظام الصهيوني، الذي بات يترنح تحت وطأة الصراعات الداخلية والهواجس السلطوية التي تسيطر على قادته. فقرار إقالة غالانت ليس مجرد تبديل للمناصب، بل هو انعكاس واضح لانهيار البنية السياسية القائمة على النزعات المتطرفة والمصالح الضيقة. ومن شأن هذا التفكك الداخلي أن يلقي بظلاله ليس فقط على الداخل الإسرائيلي، بل على صورة إسرائيل وعلاقاتها الدولية، في وقت تشتد فيه الضغوط الأمنية والتهديدات الخارجية التي يواجهها الكيان.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen