العولمة الاقتصادية: كيف يتنقل التضخم بين الدول؟
تزداد حدة آثار الأزمات الاقتصادية كلما زاد التطور وتقدمت مظاهر العولمة، إذ يصبح العالم أشد تشابكًا، ويزداد تداخل الأسواق المالية مع التجارة العالمية.
تعرّض الاقتصاد العالمي لضربات قوية على مدار تاريخه. ومع كل زلزال اقتصادي عالمي تنهار ملامح النمو التي راكمها الإنسان على مدار عقود في شهور وجيزة. قد تختلف أسباب الأزمات المالية لكن النتائج غالبًا ما تتشابه. ولا يوجد تعريف محدد يمكن اللجوء إليه لمعرفة إذا كان الوضع الاقتصادي المحدد هو أزمة أم لا. لكن بصفة عامة فإن الأزمة الاقتصادية تُعرف بأنها اضطراب فجائي يطرأ على التوازن الاقتصادي في دولة أو عدة دول. الاضطرات ينشأ نتيجة اختلال بين الإنتاج والاستهلاك.
تحدث تلك الأزمات نتيجة ثغرات في النظام المالي والاقتصادي، سواء الأنظمة المحلية أو الدولية. ويختزل العديد من الاقتصاديين أسباب كافة الأزمات المالية في أن النظام الرأسمالي المتسبب في فوضى الإنتاج هو السبب في تلك الأزمات، خصوصًا في تسببه في قلة استهلاك الطبقة العاملة. وعدم توزيع الثروة بشكل عادل ما يجبر الناس للجوء إلى الاقتراض، ما يؤدي إلى رفع سعر الفائدة، فيقل التداول النقدي.
ولم تمر سوى سنوات قليلة حتى عرف العالم معنى الانهيار الحقيقي عام 2008. وضربت الأسواق المالية أزمة تُعتبر هي الأسوأ منذ الكساد الكبير. حدثت تلك الأزمة بسبب انهيار ما عُرف آنذاك بالفقاعة العقارية في الولايات المتحدة الأمريكية، فانهار بنك ليمان برازر الاستثماري، وكانت العديد من المؤسسات العالمية على شفا الانهيار.
يتطلب ذلك الانهيار عملية إنقاذ من الحكومة الأمريكية بأرقام غير مسبوقة في تاريخها، واستغرق الأمر 10 سنوات من العالم كي يعود التضخم والاقتصاد لوضع مقبول، بعد أن خسر الملايين وظائفهم، وفقد الاقتصاد مليارات الدولارات. وحُجز على 4 مليون منزل.
الأزمات السابقة تؤكد أنه كما أن للعولمة الاقتصادية فوائدها مثل الاستثمار الأجنبي المباشر، وتعزيز نقل التكنولوجيا، وتحسين مقياس الاقتصاد، وتوفير في تكاليف الإنتاج والنقل. إلا أن العولمة الاقتصادية كذلك تؤدي للاعتماد المتبادل بين اقتصادات الدول المختلفة، ما يؤدي لعدم استقرار إقليمي حال حدوث اضطراب في دولة مركزية.
كما أن تلك الشركات متعددة الجنسيات غالبًا ما تضعف الأمن الاقتصادي، إذ تصبح المتحكم في أسواق الدول الموجودة فيها، ما يجعلها مهددةً لسيادة الدولة بصورةٍ ما. كما أن العولمة الاقتصادية تساهم في عدم توزيع الثروة بشكل عادل، وتركيزها في يد مجموعة من رجال الأعمال فحسب.