الصمت العربي: شريك خفي في جرائم الاحتلال الصهيوني
في زمنٍ يعصف فيه العدوان بلا هوادة على غزة ولبنان يقف النظام العربي الرسمي صامتًا أمام مشهد الجراح والألم، متخاذلًا عن دوره التاريخي والأخلاقي في دعم المقاومة.
صمت يتعدى حدود الحياد ليصبح شراكة ضمنية مع مخططات الاحتلال كاشفا عن تخلٍ واضح وتراجع عن المبادئ التي لطالما شكّلت قضية فلسطين جوهرها. إنّ هذا التخاذل العربي، المُغلّف بالخوف والمصالح الذاتية، يقدّم للاحتلال هديةً ثمينة، تتمثل في إتاحة الفرصة له لتمرير مشروعه التوسعي وتثبيت خرائطه على حساب شعبٍ لا يزال يقاتل وحده في الميدان.
في خضمّ التصعيد المستمر والعدوان الذي لم يتوقف على قطاع غزة منذ أكثر من عام، ومع تعالي الصرخات من شمال غزة واستمرار المجازر، يقف النظام الرسمي العربي صامتًا على الجراح الفلسطينية التي تتفاقم. يعبّر هذا الصمت عن حالة من المشاركة الضمنية، حين تبدو المواقف العربية متواطئة مع المشاريع الصهيونية المعلنة، التي تتبناها دولة الاحتلال بدعم أمريكي واضح لإعادة تشكيل جغرافية المنطقة وفق مصالحها، مما يحول الصمت العربي إلى شريكٍ غير مباشر في تمكين الاحتلال من أهدافه.
ان الدول العربية باتت شريكة في الجريمة على الرغم من عدم مشاركتها المباشرة وما صمتها وتجاهلها للمأساة الإنسانية اليومية التي تعيشها غزة ولبنان الا دعمًا غير مباشرٍ للكيان الصهيوني. فبدلاً من الوقوف إلى جانب المقاومة، تتخذ العديد من الدول العربية مواقف معادية أو تلتزم الحياد، لتصبح هذه الأنظمة جزءًا من المؤامرة الكبرى التي تستهدف الشعب الفلسطيني وتدفع باتجاه تنفيذ المخطط الصهيوني.
تعكس حالة الخذلان العربي انشغال معظم الأنظمة العربية بمصالحها الخاصة وحسابات القوى، والخوف من تنامي دور المقاومة في المنطقة، ما يدفعها لتجنب الدعم العلني أو الضمني للمقاومة هذه الدول ترى في انتصار المقاومة خطرًا على استقرارها؛ إذ تخشى من تصاعد قوة المقاومة التي قد تهدد الوضع القائم في الدول العربية، وخصوصًا أن نجاحها يقدّم نموذجًا مقاومًا للتغيير.
فمنذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023، تلقى الاحتلال هدية غير متوقعة من العواصم العربية التي سارعت إلى إدانة العمليات الفلسطينية، متبنية رواية الاحتلال دون تردد.
ان الخذلان العربي للمقاومة ليس إلا جزءًا من مخطط أكبر، تسعى فيه "إسرائيل" إلى إعادة تشكيل المنطقة وفق مصالحها وأجندتها الاستعمارية، مستفيدة من الصمت العربي ومن الاتفاقات التطبيعية.
فإن هذا الصمت العربي الرسمي يعتبر دليلًا على تخلٍ واضح عن القضية الفلسطينية، التي لطالما كانت قضية العرب والمسلمين الأولى، فيما تتشارك غزة ولبنان اليوم في ساحة المقاومة وحدهما، دفاعًا عن حقوق الأمة بأكملها.