حزب الله: صمود واستنزاف... معادلة جديدة في مواجهة الكيان الصهيوني
بينما تستمر المقاومة في تعزيز قدراتها وتطوير استراتيجياتها، يبدو أن الكيان الصهيوني يواجه تحدياً وجودياً غير مسبوق، حيث أثبت حزب الله أن الصمود والمقاومة بإمكانهما إحداث تغيير كبير في معادلة القوة، وتجديد الأمل في الانتصار على الكيان
في خضم المواجهات المستمرة على الحدود اللبنانية الفلسطينية بدأ الكيان الصهيوني يعترف على نحو غير مسبوق بقوة حزب الله وقدراته المتزايدة. فرغم الضربات المتكررة والادعاءات بتدمير جزء كبير من ترسانته العسكرية، يعترف قادة الاحتلال بأن الحزب لا يزال يشكل تهديداً حقيقياً قادراً على استنزاف "إسرائيل" في حرب طويلة الأمد. هذا الاعتراف يأتي في وقت يُظهر فيه حزب الله تفوقاً تكتيكياً على الأرض، من خلال هجماته المركزة وقدرته على اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية، مما يعزز مكانته كقوة مقاومة مؤثرة في معادلة المعركة.
تشير تقارير صحفية أبرزها ما نُشر في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، إلى أن المقاومة الاسلامية في لبنان تتجاوز الصعوبات الأمنية والعسكرية التي حاولت "إسرائيل" فرضها من خلال اغتيالات وضربات موجهة ضد قياداته. على الرغم من هذه الهجمات التي ادعت "إسرائيل" أنها أضعفت القدرات العسكرية للحزب، إلا أن الوقائع على الأرض تُظهر أن حزب الله لا يزال يمتلك القدرة على إدخال الكيان الصهيوني في حرب استنزاف طويلة الأمد.
الصحيفة الأميركية اكدت أن حزب الله نجح في مقاومة الضربات الإسرائيلية، بل وتكثيف عملياته في الجنوب اللبناني. الحزب استخدم تكتيكات عسكرية متقدمة، من الكمائن البرية إلى الضربات الجوية بواسطة الطائرات من دون طيار. هذه التكتيكات أربكت الحسابات الإسرائيلية، حيث كانت العمليات الصاروخية لحزب الله قادرة على الوصول إلى عمق الأراضي المحتلة.
منذ أكثر من عام، قام حزب الله بإطلاق الصواريخ نحو "إسرائيل" دعماً للمقاومة الفلسطينية في غزة. هذه الضربات كانت فعالة للغاية، إذ أدت إلى إخلاء المستوطنات الشمالية للكيان الصهيوني واستنزاف الموارد الدفاعية. ولم يتوقف الحزب عند هذا الحد، بل استمر في تطوير قدراته ليصبح قادراً على استهداف مواقع حساسة داخل الأراضي المحتلة، بما في ذلك هجوم بطائرة من دون طيار على مقر إقامة رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قيسارية، وهو اختراق غير مسبوق للدفاعات الجوية الإسرائيلية.
العمليات البرية في جنوب لبنان كانت هي الساحة الأساسية لاشتباكات حزب الله مع قوات الاحتلال الإسرائيلي. على الرغم من الهجمات الإسرائيلية المتكررة، لم تفلح في إبعاد الحزب عن الحدود. بل على العكس، وفقاً لما جاء في "وول ستريت جورنال"، فإن حزب الله قد زاد من حدة عملياته البرية والجوية، ليصبح قوة حاسمة لا يمكن التغاضي عنها في أي مواجهة عسكرية مستقبلية.
ما يميز حزب الله في هذه المرحلة، وفقاً للصحيفة الأميركية، هو قدرة وحداته العسكرية على العمل باستقلالية في الميدان. هذا التكتيك، الذي يتسم بالمرونة العالية، يمنح الحزب القدرة على الاستمرار في القتال حتى في حال تم استهداف قادته أو تعطيل الاتصالات الداخلية. هذا الأمر يمثل تحولاً كبيراً في طبيعة الحرب الحديثة، ويعكس مدى استعداده لمواصلة المعركة على المدى الطويل، دون تأثر مباشر بالخسائر القيادية.
في مواجهة عدو متفوق تقنياً وعسكرياً، يمثل حزب الله نموذجاً للصمود والمقاومة في وجه الاحتلال.