23 تشرين أول , 2024

حزب الله يتبنّى عمليّة قيساريا.. أيّ رسائل؟

بعد تبنّي حزب الله لعمليّة قيساريا.. ماذا في رسائل الضّربة النوعيّة؟

انطلقت.. حلّقت ..عَبرت فاستهدفت .. هكذا كان المشهد.. مُسيّرةٌ صغيرةُ الحجمِ اجتازت دفاعات العدوّ الجوّية وعلَتْ  فوق مروحيّة الاحتلال العسكريّة وبذكاء وحنكة اجتازتْ كلّ ترسانة إسرائيل التكنولوجيّة المتطوّرة ، وصلت المسيّرة وانقضّت على هدفها: منزل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في قيساريا بالأراضي الفلسطينيّة المُحتلّة.

نقلَ حزب الله المعركة بهذا التطوّر اللافت إلى مرحلة جديدة.. إذ تُدير المقاومة المعركة وتتحكّم بضرباتها كمّاً ونوعاً..

المشهدُ بحدّ ذاته شكّل رسالة قويّة ومُزدوجة ، من جانب وبشكل مباشر الصّربةُ خاطبت رئيس حكومة الإحتلال المعني الأوّل أنّه في مرمى الرّصد والنّار وأنّ هذا الغرور وهذه العنجهيّة قابلة للكسر ، ومن الجانب الآخر هي خاطبت المستوطنين الذين أوهمهم نتنياهو طيلة عام كامل بأنّه حريصٌ عليهم وادّعى كَذِباً أنّه يرتكب ما يرتكبه من مجازر لاستعادة الأسرى لدى المقاومة الفلسطينيّة فضلاً عن الوعود الجوفاء باستتباب الأمن، هذه الضّربة أتت قاضيةً وناسِفةً لكلّ ادّعاءات نتنياهو الذي فقدَ مستوطنوه ثقتهم به منذ بداية الحرب ، كما انّها عمّقت الشّرخ بين حكومة الاحتلال والمستوطنين.

أمّا عن عمق هذه المشهديّة ، فقد حملت الكثير من الدّلالات لعلّ أبرزها أنّها بثّت التوتّر الشّديد في الجبهة الدّاخليّة الإسرائيليّة التّي لم تعُد تتحمّل كلّ هذه التّبعات...

على الصّعيد العسكري نحنُ أمام فشل ذريع وخطير كما اعترف إعلام العدو نفسه ، فالمسيّرة التي علت مروحيّة الاحتلال لم تُرصد ولم يتمّ مطاردتها، وبحسب المعلومات فهي حلّقت لمدّة ساعة كاملة وتمكّنت من اختراق الدّفاعات البريّة والجويّة والبحريّة وصولاً إلى هدف حسّاس مُحدثةً حالة من التوتّر الشّديد إذ أيضا تحدث الإعلام العبري عن تشويش أصاب نظام جي بي اس ، ما يضعنا أمام نجاحٍ استخباريّ هام.

فاستهداف منزل نتنياهو هو استهداف عسكري ومعنوي ونفسي، لكلٍّ المجتمع الصّهيوني ، فهي جاءت بعد أن قال نتنياهو: إنه سوف يعيد المستوطنين لمستوطنات الشمال، لكنه اليوم لا يستطيع العودة لمنزله في قيساريا.

 إنّ نجاح المقاومة بالوصول لمنزل نتنياهو، يعني أن الأمن أصبح مفقودًا لدى المستوطنين وقادة الاحتلال، ويؤشر لبداية مرحلة جديدة باستخدام أسلحة جديدة تستهدف أهدافا غير مُتوقّعة، وقد تكون بالغة الحساسيّة لأنّ الرّسالة بهذا الاستهداف واضحة، بأنه لا أمن ولا استقرار للاحتلال في ظلّ هذه العدوان الوحشي وحرب الإبادة، التي يقودها نتنياهو بشكل وحشي ودموي بأنّ الردّ سيطال قادة الاحتلال بالمرحلة القادمة.

 كما شكّل الاستهداف بطائرة مُسيّرة تحدّيًا كبيراً لقدرات الاحتلال، وفشلاً مُدوّياً لمنظومات الدّفاع الجوّي الّتي عجزت عن اكتشاف المُسيّرة التي أصابت هدفها، رغم منظومات الدفاع الجوي المختلفة واستعانتها بأساطيل بحرية ومنظومة دفاع جوي أمريكي نوع ثاد وصلت الكيان مؤخّراً، لكنها فشلت أمام قدرات المقاومة وإصرارها على الإبداع في إطار الصراع القائم.

واعترف اعلام العدو بأن السّلاح المُستخدم في ضرب منزل نتنياهو يصعب اكتشافه على شاشات الردار، لذلك تمّ استخدام تكتيك خلال الاستهداف بإطلاق ثلاث طائرات مسيرة وعدد كبير من الصواريخ لتشتيت الدفاع الجوي الإسرائيلي، حيث تم إسقاط طائرتين بحسب ما زعم الاحتلال فيما نجحت طائرة بالوصول لقيساريا.

كذلك يرى خبراء عسكريّون أنّ تمكّن المسيرة في الوصول للمنزل، يعدّ إخفاقا يضاف لسلسلة من الإخفاقات للأجهزة الاستخبارية لدى الاحتلال حيث لم تستطع طائرة حربية مروحية كانت تلاحق المسيرة إسقاطها نظرا لصغر حجمها وصعوبة كشفها، فضلا عن فشل القبة الحديدية ومقلاع داود ومنظومة حيتس "1 ، 2" بإسقاطها.

فالكيان الإسرائيلي مرعوب بسبب الطائرات المسيرة، خاصة أن هناك بنك أهداف أعلن عنه حزب الله خلال "فيديوهات الهدهد 1 و2 و3 و4" والتي تضمنت استطلاع جوي لقواعد ومقرات عسكرية ومرافق حيوية إسرائيلية، وهذه الأهداف ممكن أن تكون ضمن بنك الأهداف القادم.

ويرى الخبراء أن لدى حزب الله الكثير من المجهول الذي لا تعرفه اسرائيل وخاصة في مجال الطائرات المسيرة..

 فعليّاً نحنُ في معركة تحدّي وإثبات قدرات، وكيان الاحتلال الإسرائيلي أصبح ضعيف أمام عدم قدرة منظومته الرادارية والدفاعية على التصدي لهذه المُسيّرات ، فيما لدى المقاومة قدرات خفيّة قادرة على إجبار  القيادة الإسرائيلية على إعادة كلّ حسابتها.

اذا ارتقاء وتقدم في الميدان تُظهره المُقاومة ،  فعمليّة قيسارية، كما عمليّتي بنيامنيا وهرتسيليا، هي من جملة العمليّات التي تأتي في سياق المرحلة الجديدة التي أطلق عليها نائب الامين العام لحزب الله "إيلام العدو"، والتي توعّدت غرفة العمليات بتنفيذها.

وممّا لا شكّ فيه أن ما ينتظر الكيان المؤقت في هذا المرحلة سيكون أشدّ قسوة عليه، كما أنها لن تكون المرحلة الأخيرة.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen