أشلاء تحت الأنقاض: غزة تئن تحت قسوة الحصار والمجازر
في بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، تتجسد قسوة الحرب بأبشع صورها، لم تكن ليلة امس كسابقاتها، بل تحولت إلى كابوس حيّ خلف أكثر من 73 شهيدًا، بينهم أطفال وأمهات، وعشرات الجرحى، الأرقام ليست سوى جزء بسيط من الحقيقة المؤلمة، فقسوة الحصار والمجازر لا يمكن حصرها في إحصائيات.
في قلب بيت لاهيا تستمر الحياة لكن تحت وطأة مجزرة جديدة تضاف إلى قائمة لا تنتهي من المعاناة والظلم تتعالى أصوات الصرخات في زوايا المدينة اكثر من سبعين شهيدا بينهم أمهات وأطفال وعشرات الجرحى وماساه تتجاوز الأرقام لتجسد قصصًا إنسانية مؤلمة، تحكي عن احلام دُفنت تحت الأنقاض.
هي لحظات مفجعة، تحول فيها مربع سكني في منطقة مشروع بيت لاهيا إلى رماد. لا يمكن للكلمات أن تصف حجم الفاجعة، حيث انهارت المنازل فوق رؤوس قاطنيها، وأصبحت الأسر تسابق الزمن لإنقاذ أحبائها من تحت الركام، بينما فرق الإسعاف تواجه صعوبة في الوصول بسبب استمرار القصف ودمار الطرق.
محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني، وصف الوضع بأنه "كارثة إنسانية"، مؤكداً أن الاحتلال لم يترك لأهل المنطقة مجالًا للحياة أو النجاة، وأن استهداف المنازل بهذا الشكل هو رسالة واضحة لتفريغ المنطقة من سكانها.
النساء اللواتي فقدن أبناءهن، والأطفال الذين يبحثون عن عائلاتهم بين الأنقاض، هم الشهود الحقيقيون على هذه المجزرة. هنا، لا مكان للفرح أو الأمل، فقط الألم والخوف. مئات العائلات باتت بلا مأوى، تبحث عن النجاة في ظل حصار يزداد قسوة يوماً بعد يوم، يمنع دخول أي مساعدات إنسانية أو حتى الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات التي تئن من كثرة الجرحى.
في مستشفيات شمال غزة، الوضع أسوأ مما يمكن تصوره. الأطباء بلا موارد، الكهرباء مقطوعة، الأجهزة الطبية متوقفة، والجرحى يتألمون بلا علاج. الاحتلال لم يكتفِ بالقصف والتدمير، بل منع حتى وصول المساعدات الطبية والغذائية إلى المنطقة، محاصرًا نحو 400,000 إنسان في الشمال، تاركًا إياهم يواجهون الموت البطيء. إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أشار إلى أن هذه المجزرة ليست سوى جزء من مخطط أوسع يستهدف تهجير سكان شمال القطاع بالكامل.
وفي مواجهة هذا القتل المنهجي، أكد المكتب السياسي لانصار الله تضامنه الكامل مع أهل غزة، واصفًا ما يحدث بأنه "جريمة إبادة جماعية". في بيانه، دعا المكتب الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى التحرك الجاد والفاعل للضغط على الاحتلال لوقف هذا العدوان الوحشي. وأضاف أن الكيان الصهيوني قد تجاوز كل الخطوط الحمراء، موغلًا في سفك دماء المدنيين الأبرياء، وأن صمت العالم عن هذه الجرائم يشجع الاحتلال على مواصلة حرب الإبادة.
البيان اليمني جاء كتعبير عن موقف شعوب المنطقة التي تشعر بالألم والغضب مما يحدث في غزة. "أنصار الله" أكدوا أن هذه الجرائم لا تمثل تهديداً لغزة وحدها، بل هي تهديد للإنسانية جمعاء. إنه نداء عاجل للعالم، لوقف هذه المجازر المستمرة التي لا تميز بين طفل أو شيخ، بين امرأة أو رجل. في غزة اليوم، الجميع مستهدف.
وسط هذا الصمت الدولي، تتواصل المجازر، ويزداد الألم. أكثر من 400 شهيد في مخيم جباليا وحده، غالبيتهم من الأطفال والنساء. قصف جوي ومدفعي لا يتوقف، يقابله صمت عالمي مدوٍ .