يحيى السنوار.. قائد الاستثناءات، باغتياله المقاومة ستنمو من جديد
وكما في حياته، كان في خبر استشهاده، مركز الاهتمام والمتابعة، فإعلام العدو يقرّ بأن القضاء على حماس غير ممكن، حتى لو تمّ اغتيال قائد حركتها ومهندس معاركها الشهيد يحيى السنوار
رغم التباهي الدائم بقدراتها الاستخبارية والبرهنة على ذلك مؤخرا بعدة اغتيالات كبيرة في لبنان، فإن إسرائيل لم تتمكن على مدى عام كامل، وربما أكثر من ذلك، من الوصول إلى مطلوبها الأول.
استشهد يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وقائد الحركة في غزة، والذي تتهمه إسرائيل بأنه المدبّر الأول لعملية طوفان الأقصى.
استشهد في موقف لن يتملّكك إزاءه سوى الذهول الذي يعطّل المدارك والمشاعر كافة: مدرّعاً بجعبة عسكرية، حاملاً سلاحاً، متقدّماً الصفوف على خط النار الأول، وليس مختبئاً وسط خيام النازحين في معسكرات النازحين، أو محاطاً بعشرين أسيراً في أعمق نفق في القطاع، خلافاً لكل السرديات الممكنة أو المتوقّعة.
والواقع أن قائد الاستثناءات ظل طيلة حياته في مساحة اللامتوقّع، فقد شكّل أبو إبراهيم حالة فلسطينية فريدة على مستوى القيادة، كونه عاد بحركة حماس التي ظل رئيس وزراء الاحتلال يظن أنه القادر دائماً على ترويضها وشرائها بشنط المال، إلى مربع البدايات.
فقد قرّر صاحب رواية الشوك والقرنفل التي كتبها في أسره، منذ ترؤسه قيادة حماس، أن الأخيرة لن تكون الثورة التي تتحول إلى دولة، إنما حالة المقاومة التي لا بدّ أن تصعّد المعركة إلى أعلى مستوياتها، في الوقت الذي يقرر فيه المشروع الصهيوني أن يمضي إلى أبعد طموحاته في حسم الصراع.
بالمقابل، رغم كثير ما ادعت إسرائيل وأنصارها ومشايعوها أن قادة حماس يختبئون بين المدنيين، لكن ها هي تعترف بنفسها بأن قائد حماس حارب حتى الثواني الأخيرة من عمره، محتفظا بالطموح الذي ميّزه حتى النهاية وجعله يحاول استهداف طائرة مسيرة بقطعة من الخشب هي ربما ما تيسر له في تلك اللحظة.
لا يبدو أن الأمر كان مجرد توقّع، بل كان أمنية كشف عنها السنوار بنفسه خلال لقاء صحفي قبل نحو ثلاث سنوات.
فقد قال الرجل أكبر هدية يمكن أن يقدمها العدو والاحتلال لي هي أن يغتالني وأن أقضي شهيدا على يده، أنا اليوم عمري 59 سنة، أنا الحقيقة أفضل أن أستشهد بالـ إف16 على أن أموت بكورونا أو بجلطة أو بحادث طريق أو بطريقة أخرى مما يموت به الناس
وعلى أي حال، هذه معركة لا تنتهي باغتيال القادة، خصوصاً أن طموحات العدو منها هو الاحتلال الدائم، وإعادة الاستيطان واقتلاع الوجود الفلسطيني من القطاع، ثم من الضفة. إنها معركة مصير، هكذا يراها الفلسطينيون، وفي القلب منهم المقاومون في الميدان.