صرخات تحت الرمال...مجزرة الطفولة في مخيم الشاطئ
تحت سماء غزة وفي قلب مخيم الشاطئ الذي لطالما ضجّ بضحكات الأطفال، أطفال تزهق أرواحهم البريئة بلا ذنب، تاركين وراءهم فتات العاب وسط الرمال ؛ ليصبح مخيم الشاطئ شاهداً على جريمة جديدة، جريمة طالت أضعف القلوب وأكثرها نقاءً.
بين أمواج الشاطئ تتناثر الألعاب التي كانت تحمل براءة الطفولة في مخيم الشاطئ. هناك، حيث كان الأطفال يلعبون بلا هموم، تحوّلت ضحكاتهم إلى صرخات ألم وصمت مخيف، في مشهد يدل على وحشية الكيان كانت هذه المجزرة واحدة من سلسلة المجازر التي لم تتوقف في غزة، حيث وقع ضحاياها خمسة أطفال، لم تتجاوز أحلامهم ألعابهم الصغيرة أُزهقت أرواحهم البريئة في لحظة قاسية، ومعها تحطمت قلوب أمهاتهم وآبائهم.
أطفال كانوا يركضون، يلعبون، يبتسمون للعالم من حولهم، قبل أن تأتي طائرات الاحتلال لتقتلع أرواحهم وتترك خلفها مشاهد موجعة تروي قصة معاناة شعب كامل. بين الدماء والزحام، تم انتشال أجسادهم الصغيرة، لتكون شاهدة على قسوة آلة الحرب التي لا تميز بين من يقاتل ومن يلعب.
وفي الوقت الذي كانت فيه هذه المجزرة تدق ناقوس الألم من جديد، كان هناك حصار خانق يطبق على مستشفيات غزة، يعمّق جراح الجرحى ويزيد من آلام المرضى. المستشفيات، التي كان يجب أن تكون ملاذاً آمناً للعلاج والإنقاذ، أضحت محاصرة تفتقر إلى أبسط المقومات؛ لا وحدات دم، ولا وقود لتشغيل الأجهزة. مرضى يستصرخون النجدة، وأطباء يواجهون المستحيل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن الحصار الصهيوني المجرم يستمر في قطع شرايين الحياة عن غزة.
كل هذا يحدث في ظل أرقام مفزعة؛ أكثر من 42 ألف شهيد، وما يقرب من 100 ألف جريح منذ بدء العدوان. لكن خلف هذه الأرقام تكمن قصص إنسانية مؤلمة؛ أب مكلوم يبحث عن أطفاله بين الأنقاض، أم تحتضن جسد ابنها الشهيد، وطفل يتشبث بالحياة وسط دمار لا يرحم.
إنها غزة التي تعيش كل يوم تحت قسوة الحصار والقصف، لكنها تظل تقاوم، ليس فقط بالبندقية، بل بالحياة نفسها. ففي كل مرة تسقط فيها روح، ينبت الأمل من بين الركام، وفي كل مرة يرتقي فيها شهيد، تتعالى الأصوات مطالبة بحق الارض
اليوم، تقف غزة حزينة، مثقلة بالجراح، لكنها أيضاً صامدة، تتحدى الألم وتتطلع إلى يوم ينتهي فيه الظلم، ويعود الأطفال للعب بأمان تحت سماء حرة، حيث لا صواريخ ولا دمار، بل ضحكات تملأ الحياة من جديد
لتبقى أرواح الأطفال في مخيم الشاطئ شاهدًا على قسوة لا يمكن أن يبررها شيء. ورغم الألم العميق الذي يجتاح قلوب الأمهات والآباء، تظل غزة بشموخها المعتاد تقاوم، كما تقاوم دائمًا، الموت والخراب. لن تُنسى تلك الأرواح البريئة، ولن تنطفئ شمس الأمل، فحتى في أشد اللحظات ظلمة، تظل غزة تنبض بالحياة، ويظل صوت الحق أعلى من صوت القصف. ستعود الطفولة إلى اللعب يومًا، وستتحول ذكرى هذه المجازر إلى قصص ترويها الأجيال عن شعب قاوم بصموده رغم كل شيء حتى تحرير ارضه كل الأرض.