22 تشرين ثاني , 2023

حقيقة الموقف التّركي من معركة طوفان الأقصى مع الباحث في الشّأن التّركي د.محمّد نور الدّين

مقابلة خاصة مع الدكتور محمد نور الدين / الخبير بالشّان التّركي

المذيعة: سأبدأ من بوابة تركيا للحديث عن الموقف التركي لأتحدث عن آخر المستجدات لأتحدث عن علاقة تركيا وفلسطين خصوصا في هذه الأزمة، سأبدأ معكم في مقاربة الموقف التركي من معركة طوفان الأقصى من اليوم الأول منذ السابع من أكتوبر.

الضيف: حسنًا، ممكن نقسم الموقف التركي من عملية طوفان الأقصى وما تلاها من عدوان همجي إسرائيلي على القطاع، إلى مرحلتين.

المرحلة الأولى والتي استمرت عشرين يوما من بداية الأحداث إلى اليوم ال 18 أو اليوم ال 20

والمرحلة الثانية التي تلت ولاتزال مستمرة حتى الآن.

أولا العملية بدأت طوفان الأقصى فجر السبت السابع من تشرين الأول، للمصادفة كان هذا اليوم يشهد المؤتمر العام (أعتقد السادس) لحزب العدالة والتنمية والذي شهد ظهرًا إعادة انتخاب رجب طيب أردوغان رئيسا للحزب. يعني التيارات الدستورية التي عملوها في العام 2017 سمحت بأن يكون رئيس الجمهورية أن يبقى على انتمائه الحزبي أي أن يكون رئيس حزب بالوقت نفسه. وبالتالي كان الكل ينتظر ظهر السبت ما يمكن أن يكون عليه الموقف التركي من خلال خطاب أردوغان أمام ال 1402 مندوب الذين حضروا وبايعوه من جديد بالإجماع. المفاجئة كانت إنه رجب طيب أردوغان ألقى خطاب يمكن أن نصفه بأنه بارد جدا بمعنى أنه دعا كل الأطراف وكان يسميها أطراف يعني إسرائيل وحماس إلى الاعتدال. كلمة الاعتدال كانت تكررت كثيرا في الفقرة الخاصة بأحداث غزة (وهي على كل حال ليست فقرة طويلة بخطابه لأنها طرأت على الخطاب لأنه في نفس اليوم صارت العملية وصار من بعدها مؤتمر الحزب وما إلى ذلك) إلى ذلك هو دعا الجانبين (يعني هناك مساواة بين الجانبين) حرفيا استخدم هذه الكلمة إلى الامتناع عن قتل المدنيين في إسرائيل وفي الطرفين. الامتناع عن قتل المدنيين في مساواة كاملة بين القاتل والضحية باليوم الأول ولكن دعا أيضا إلى الامتناع عن اتخاذ المواقف التي تصعّد وتفاقم المشكلة (تقريبا هذا هو الخطاب) ودعا إلى وقف إطلاق النار. ماشي منقول بأنه يمكن في اليوم الأول الأمور لم تكن واضحة لهذه الدرجة، ولكن مع بعد العدوان الوحشي في اليوم الثاني الإسرائيلي والذي مازال مستمرا حتى اليوم بقي الموقف التركي على حاله لمدة 18 يوم إلى 20 يوم. في هذه ال 20 يوم لم يقتصر الموقف التركي على الحياد، دان قتل المدنيين من الطرفين وكان على مسافة واحدة من الطرفين، كان هناك مساواة تامة بين الطرفين في حين هو يعرف والجميع يعرف بالأمور ليست هكذا وأن هذه عملية طوفان الأقصى هي نتيجة للغضب والاحتلال والعدوان الإسرائيلي المستمر منذ سنة 1948 على الشعب الفلسطيني. لكن المفاجئة في هذه المرحلة في أول 20 يوم أنه لم يقتصر الموقف الحيادي إن جاز التعبير وهو عمليا هكذا على رجب طيب أردوغان فقط بل معظم أركان الحزب تحدثوا بنفس النبرة، وزارة الخارجية أصدرت بيان بنفس النبرة، حتى البعض منهم كان يصف صواريخ حماس ماذا يمكنها أن تفعل هي أشبه بطنين ذباب فقط وهي بلا نتيجة وبالتالي لماذا يطلقوا صواريخ لا تأتي إلا بالقتل والدمار. الأخطر أنا برأيي من كل ذلك أن الماكينة الإعلامية الكتّاب/ التلفزيونات المؤيدة لحزب العدالة والتنمية وهي تشكّل حوالي 90% إذا مش أكتر من الإعلام التركي لأنه اشتُري كله من قبل أردوغان في السنوات الماضية وكان كله مؤيد. الأنكى من ذلك أن هذه الوسائل الإعلامية الخطاب الإعلامي الإسلامي إن جاز التعبير ما عدا حزب السعادة الذي يرأسه كاراميلا أوغلو، هذا الخطاب وقف أيضا على مسافة وكان يقول إنه على تركيا أن تكون موضوعية ومعتدلة وأن تقف على الحياد. أحدهم كان يقول هل هو أمر صعب أن نقف على الحياد؟ وكان الإثنين يقولوا إن قتل حماس للمدنيين يطعن في الشرعية الأخلاقية للمقاومة وهكذا يمكننا أن نقول هذا الموقف كان سلبيا، حيادية الموقف هي موقف إلى جانب الجلاد وإلى جانب القاتل والذي هو إسرائيل، رغم أنه بعد 20 يوم كان عدد القتلى والنار والوحشية هائل جدا وبما أنه كنا في الأول، لا كانوا قد مرقوا وانتهوا مع ذلك. فهذه يمكننا أن نقول إنها كانت المرحلة الأولى من الموقف التركي من إسرائيل، موقف سلبي (حيادي) ولا ينتمي إلى أدبيات حزب العدالة والتنمية ولا ينتمي إلى التيار الإسلامي وظهر كما لو أن هناك موقف مشكك.

المذيعة: طب أستاذ محمد ما سبب هذا الحياد برأيكم؟ ولماذا لم تتخذ موقفا فلسطينيا موقفا مع فلسطين تدعم فيه القضية الفلسطينية؟ تريد أن ترضي العدو الصهيوني؟

الضيف:

نعم بطبيعة الحال هذا السؤال هو الأهم. لماذا حزب العدالة والتنمية ورجب طيب أردوغان بدأ جزء من زعامته على مناهضة الخطاب الإسرائيلي مثل بواقعة دافوس التي انتقد فيها شمعون باريز وأنت تحسن القتل وهم كانوا هجموا على غزة قبل بضعة أيام من المنتدى في العام 2008/2009 على ما أعتقد, وكان دائما يصف إسرائيل بأنها دولة إرهابية وما إلى ذلك, ولكن أنا أعتقد أنه كانت هناك العديد من الأسباب وهي تشكل يعني كما يقال بيضة القبان في التعاطي مع الموقف التركي علما أن الشارع التركي معروف تاريخيا بتأييده للقضية الفلسطينية ومعروف أنه رجب طيب أردوغان ينسجم مع خطاب الشارع  لأن هذا الشارع يعطيه أصواته ويجعله في السلطة, ولكن خروج هكذا موقف أنا بتقديري في عدة أسباب من ضمن هذه الأسباب التي يمكن أن تخطر على البال الآن , أول سبب أن رجب طيب أردوغان بدأ بالسنوات ال3 أو ال4 الأخيرة بعد العام 2019 مسار مصالحات مع العديد من الدول مثل السعودية مثل الإمارات, من هذه الدول إسرائيل, كان الهدف الأساسي من هذه المسارات هو أن يعزز ويدخل المال السعودي والخليجي إلى تركيا ومع إسرائيل كان الهدف من المصالحة هو أن تكون إسرائيل أداة للتواصل مع الأميركي لتخفيف الضغوط الاقتصادية على تركيا وإدخال رأس المال اليهودي إلى تركيا هذا كله يؤدي إلى تحسين الوضع الاقتصادي, تحت سعر صرف الليرة , خصوصا أنه هو كان ذاهب إلى انتخابات 2023 انتخابات رئاسية ونيابية وكانت استطلاعات الرأي تعطي لمرشح المعارضة أرجحية عليه, يعني الفوز, لأجل ذلك أراد هو يقطع الطريق خيارات الناخب التركي وعلى غضب الداخل التركي من تدهور الوضع المعيشي من خلال تعزيز وضع الاقتصاد عبر مسارات المصالحة هذه وتبادل السفراء مع إسرائيل وما إلى ذلك , والرئيس الإسرائيلي زار تركيا و في 20 أيلول قبل جمعتين تقريبا من عملية طوفان الأقصى التقى اردوغان ببنيامين نتنياهو في واشنطن على هامش اجتماعات الأمم المتحدة وكان هناك اتفاق على أن يكون هناك خطط وتنسيق مشتركي للتنقيب عن النفط والغاز بشرق المتوسط في المنطقة الاقتصادية الإسرائيلية والمنطقة الاقتصادية التركية وما إلى ذلك, وبالتالي هذا المسار التصاعدي أعطى أردوغان مكاسب عشية الانتخابات لم يرد أردوغان أن يكسر هذا التطبيع المستجد مع إسرائيل والذي عمل له لسنوات. نتيجة عملية طوفان الأقصى أطيح بكل هذه الإنجازات وبالتالي هذا أحد الأسباب لأنه لا يريد هذا المسار مع إسرائيل وبالتالي مع الولايات المتحدة أن ينكسر وهذا

أحد أهم الأسباب، والأسباب الأخرى هناك مصالح مشتركة بين الطرفين, هناك 10 مليار دولار علاقات تجارية, تبادل تجاري , هناك تعاون  مثلث مع علي رويجان وإسرائيل والتركي بالقوقاز, الثلاثة خاضوا معركة في أذربيجان ضد أرمينيا وضد سكان كراباغ و المقاتلين الأرمن هناك وبالتالي هذا أمر مهم وهو لا يريد أن يغضب الأميركي الذي هو بعدما جاء كرئيس عاد وأرسى أو تموضع بشكل شبه نهائي مع الغرب مع الأطلسي بقمة فيليونس الأطلسي في 12 تموز الماضي وأعطى ضوء أخضر للسويد للدخول على الأطلسي وقال بأن أكرانيا يجب أن تدخل إلى الأطلسي وعمل علاقات مع أكرانيا وهذا كله استفذ روسيا هذا كله لأن أردوغان لا يريد أن يخرب العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية من جديد بعدما شعر بأنه (مشي الحال). إذا هذه أسباب متعددة للموقف التركي على الأقل في المرحلة الأولى من عملية طوفان الأقصى.

المذيعة: في المرحلة الثانية شهدنا أيضا يعني تنديد تركي وخاصة في القمة العربية الإسلامية التي جمعت هذه البلدان ورؤساء الدول بوم السبت الفائت حيث ذكر أردوغان في هذه الكلمة وفي هذه القمة مكررا دعوته إلى تحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية وصف العدوان الإسرائيلي بأنه بربرية غير مسبوقة في التاريخ ودعا إلى إنشاء صندوق لإعادة إعمار غزة والتعويض على سكانها واستعداد بلاده إلى المساهمة في إعادة الإعمار, لم نسمع بضرورة وقف الآن الحرب في غزة وأيضا وبالتالي لم تشكل أي تهديد للعدو الصهيوني إذا لم تتوقف هذه الحرب سنقوم بكذا وكذا وكذا..

الضيف: نعم، بعد ال 20 يوم الأولى بدأ التحول بالخطاب التركي تدريجيا، بمعنى أنه أمام هذه الوحشية الإسرائيلية الكبيرة والدمار والقتلى والجرائم، كل هذه الأمور شعر أردوغان أن هناك بعض الأقلام بالداخل التركي بدأت تشكل وبعض الأحزاب بالمعارضة منها حزب السعادة، منها حزب المستقبل لأحمد داوود أوغلو. هذا كله أصبح يشكّل نوع من الضغط على السلطة في تركيا وهم لم يقصدوا أن يضغطوا عليها ولكن كانوا بقولون بأن هذا الوقت ليس للإدانة هذا وقت العمل, لاتخاذ إجراءات فاعلة ضد إسرائيل لمحاولة أن تكون إجراءات تشكل عامل ضغط على إسرائيل على الأقل في البداية لوقف إطلاق النار وهذه أول مرحلة , وهم قرروا قصة حل الدولتين وما إلى ذلك, وبالتالي كان أحد الأهداف والعوامل الأساسية للبدء بتحول الموقف التركي من الحياد

إلى على الأقل الإدانة, قبل لم يكن هناك إدانة, ومن بعدها انتقل من مرحلة إلى مرحلة لأنه شعر بأن الشارع التركي المؤيد تاريخيا رغم أن حركته كانت خجولة وبطيئة ولا تتناسب مع تاريخه المؤيد للقضية الفلسطينية.

المذيعة: ولكن تحركه في هذا الوقت تحديدا عند أردوغان شكل له يبدو يعني إحراج ليخرج ويقول بالتنديد...

الضيف: نعم هذه المواقف بدأت تشكل ضغط عليه وإحراج بأن هو ليس كذلك وبالتالي أنه يخسر هذه الجماهير علما أنه ربح الانتخابات الرئاسية بفرق 4%. يعني مليون مليونين تنقلب كل اللعبة, ولكن مع ذلك عبَر عن هذا التحول بمهرجان كبير دعا له في 28 تشرين الأول بإسطنبول دعا إليه مليون مليون ونصف وما إلى ذلك وخطب فيه, وقبلها بيوم كان يقول بأن حماس ليست منظمة إرهابية, هي حركة تحرير وقال بأن نتنياهو مجرم حرب وسنقدمه للمحكمة الدولية وسنأخذ هذه الإجراءات نحن كتركيا علما أن تركيا غير منتمية للمحكمة الدولية ولا إسرائيل, يعني هو غير منتمي للمحكمة ويريد أن يقدم واحد هو أيضا غير منتمي للمحكمة يعني ها كلام بالهواء وجب أن يقدم أحد آخر وليست الدولة التركية و ولا السلطة التركية. على كلٍ في المرحلة الثانية والتي كان في ذروتها احتفال إسطنبول في 28 تشرين الأول كان ذروة المواقف التركية والتصعيد التركي طبعا بعدها استمر هذا التصعيد بمعنى الإدانة من خلال القول على سبيل المثال بأن إسرائيل لديها قنابل نووية أو لا، وأيضا اتهام الغرب وهذه نقطة جد مهمة ان الغرب يريد حرب دينية بين الهلال والصليب وقال نعم الغرب يريد ذلك ونحن أمام مسألة هلال وصليب بمعنى شن حملة على إسرائيل وشن حملة على الولايات المتحدة الأميركية وما سبب قدوم جاملة الطائرات وما إلى ذلك.

المذيعة: وقال بأن تركيا مستعدة بأن تكون من بين الدول الضامنة وبالتالي أيضا

الضيف: طبعا طبعا، الحياد التركي في المرحلة الأولى من أهدافه أنه هو إذا حصل وقف إطلاق نار والأمور توقفت في مرحلة معينة ممكن تركيا كونها اتخذت موقف الحياد أن تكون هي وسيط وتكون على مسافة من الطرفين وبالتالي تكون هي جزء من عامل الضمانة وترسل القوات وما إلى ذلك. ولكن بعد ساعات يأس رجب طيب أردوغان من ان يقوم هو بهذا الدور فقال نحن نتكل على القمة العربية الإسلامية التي تنعقد في الرياض. فجاءت القمة العربية الإسلامية ووضعت 31 بند، هذه البنود كلها جميلة وفيه تحذيرات وتنبيهات ولكن افتقدت القمة إلى آليات تنفيذ مثل هذه القرارات، وقالوا ندعو مجلس الأمن ليقوم بكذا وكذا، ويعني قرار 57 دولة والتنفيذ بمجلس الأمن، ولكن مجلس الأمن بيد 15 دولة هم ليسوا فيها/ ماذا تفعلون كدول عربية وإسلامية ومن ضمنهم تركيا. وبالتالي أعتقد بأن الموقف التركي وصل إلى مرحلة أنه هو يصعّد بالكلام وماكس لم يتخذ أي إجراء عملي تجاه إسرائيل وهناك العديد من المور التي يمكن ان يفعلوها تجاه إسرائيل لم يفعلوا شيء منها، حتى استدعاء السفير التركي من إسرائيل للتشاور، لا قطع علاقات ولا سحب السفير، (قالوا له تعال نريد أن نكلمك قليلا) هذا السقف الأقسى للموقف التركي من إسرائيل. أول مرحلة حياد ثاني مرحلة. ولكن إجراءات عملية بالأرض ليس هناك شيء هذا المشهد المختصر للموقف التركي من الحرب الإسرائيلية على غزة بهذه اللحظة.

المذيعة: ما هو الموقف الذي كان يجب أن تتخذوا تركيا جراء معركة طوفان الأقصى والذي كان يمكن أن يؤثر على العدو الصهيوني؟

الضيف: هناك كاريكاتير بالأمس في جريدة تركية صوروا باخرة وفيها حاويات بضائع وكذا وكتبوا بأن هذه البضائع ذاهبة إلى إسرائيل. مواطن على رصيف المينا كان يصرخ للناس بأنه لا أحد يشرب قهوة من مقاهي ستاربكس. الأتراك بالبرلمان التركي في المطعم لم يعيدوا يضيفوا نسكافيه ولا كوكا كولا ودعوا إلى مقاطعة ستاربكس وما إلى ذلك، علما أنه بحسب ما كتب بأن من يقدم هذه المنتجات منتجات الكولا ومنذ أسبوعين افتتح اردوغان مصنع لمشروب الكولا في تركيا. وبالتالي مقاطعة على إسرائيل أو العمل ضد إسرائيل من خلال الذهاب إلى القشور التي تمس تركيا وليس هذه البضاعة, وبالتالي هناك شخص آخر على الرصيف در على الرجل والباخرة الذاهبة إلى إسرائيل كيف نتعامل معها؟ إذا تركيا قادرة على عمل الكثير.

أولا أنا ذكرت الهم الأكبر هو العلاقات الاقتصادية بين الطرفين, 10 مليارات دولار, 6/7 مليارات دولار تصدرهم تركيا لإسرائيل وجزء كبير منهم مليار ونصف منهم هو حديد وفولاذ وهذه تستعمل في السلاح في الكيان الصهيوني وبالتالي كان يمكن لتركيا أن تخفَض ولا نقول تقطع، مثل ما قال الأخ إسماعيل هنية (نحن لا نريد للعرب أن يحاربوا عننا ولكن أن يكفوا شرّهم عنا يعني أن لا يعرقلوا وان لا يقفوا ضدنا, نحن نحارب ونحن نموت ولا نريد أن يموت أحد معنا) وهو يجب قطع العلاقات الاقتصادية  إذا أردنا أخذ موقف جدي ومخلص وفلسطين أرض تاريخية للفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين بالتالي يمكنك أن تعمل كما تعمل إيران, ليس هناك أي علاقة مع الكيان, لا دبلوماسي لا اقتصادي, إيران لما هي اليوم محاصرة منذ 50 سنة, بسبب موقفها من القضية الفلسطينية ومع ذلك نحن نقول بأننا لا نطالب بالحد الأقصى بل بالحد الأدنى, ما هو الحد الأدنى, يعني على الأقل وقّف تصدير الفولاذ والحديد هذا يوجع العلاقات الاقتصادية , لا تستوردوا منتجات من إسرائيل وبالتالي هذه المنتجات التي تدفع ثمنها وبالتالي هو يعطيها للجيش الإسرائيلي وهو يقتل بها هؤلاء الفلسطينيين. هذا مثلا أحد الإجراءات التي يمكن القيام بها. إجراء ثاني هو العلاقات الدبلوماسية, يقول أردوغان بأنه لا يوجد شيء في العلاقات الدولية اسمه قطع العلاقات الدبلوماسية فقط (هو حرفيا يقول ذلك) ويقال لماذا لا تقطع العلاقات أو شيء, قال أنا لن أتعاطى مع نتنياهو أنا على الصعيد الشخصي (مع السلامة, اذهب) ولكن وزير الخارجية , وزير الدفاع, رئيس الاستخبارات سيبقوا هم يتواصلوا مع الإسرائيليين, حسنا خفّض العلاقات, استدعي السفير, اطرد السفير الإسرائيلي وقل له أنت شخص غير مرغوب فيه, أنت لا تقطع العلاقات أنت تتخذ بعض الإجراءات الجزئية من ضمن العلاقات الدبلوماسية هذه كلها لم يقم بها أردوغان نهائيا. هذا بما خص إسرائيل مباشرة علما أنه أنت مثلا يمكنك القيام بالكثير من الأمور.

أيضا هناك إجراءات أخرى ممكن أن تتخذها ضد أميركا، نحن عندما نقول إسرائيل الآن. من أهم النتائج لطوفان الأقصى بأن أظهر إسرائيل منفردة ليس لها وجود وهي تساوي صفر، لا تساوي شيئا وبالتالي الأمريكان هم كل شيء وإسرائيل تبيّن أنها بيدق بيد الأمريكان والذي تقوم به إسرائيل هو ما تريده أميركا والأوروبيين الغربيين يريدونه. لم يبقى شيء اسمه إسرائيل، هناك اميركا، حتى لو عن لسان نتنياهو كل الأمور لأنه بالنهاية هذه العملية التي حصلت هزت إسرائيل ككيان ومسألة بقاؤها أو عدمه أصلا هي قاعدة غربية.

المذيعة: ماذا كان ينقص تركيا لتكون كاليمن كلبنان لتكون كالعراق كالجمهورية الإسلامية الإيرانية وتقدم كما قدمت هذه الدول اليوم؟

الضيف: إيران من 40سنة، من قيام الثورة إلى اليوم تعرضت للعقوبات ولمحاولات ضرب الثورة إن كان أعمال عسكرية كل أنواع الحصار والضغوطات من أجل خيارها ومن أجل قرارها الناتج عن إرادة وإيمان يجب أن تمتلك الإيمان والإرادة إضافة إلى القدرة وإن لم تمتلك القدرة اجعل الإرادة هي الأساس، الإرادة هي الأساس، تركيا لا ينقصها شيء، ربما وضعها الجغرافي معقد ضمن محيطات متناقضة، أوروبا، الأطلسي، وارسو قديما روسيا الآن، إيران، سوريا، الشرق الأوسط، الأكراد... لا أحد يقول لا, ولكن هل إيران وضعها أقل تعقيدا من تركيا؟ ليس أقل تعقيدا, لكنها اتخذت هذا القرار, لديها باكستان أميركية, تركيا أطلسية, أذربيجان ومواقفها الآن, ودول الخليج ضدها لأسباب مختلفة من المذهبية إلى غير المذهبية مع ذلك اتخذت ايران هذا القرار ولا ننسى ما فعله صدام حسين مع إيران, ولكنها لم تتوقف عند هذه الأمور. تركيا كان من الممكن أن تقوم بهذا الأمر وتتخذ قرار لكن ليس هناك إرادة. كلمة إرادة ليست بالكلمة البسيطة، هي ليست إنشاء أو العرب يحبون الأغاني وإيام عبد الناصر وبعد عبد الناصر، لا.. الإرادة.. إن كنت تمتلك الإرادة تتخذ قرارك وتكون مؤمن به (واللي بدو يصير يصير) وأنا أعتقد أن الشعب الذي لديه إرادة وخصوصا إذا كانت إرادة محقة ينتصر ولا يمكن أن ينهزم ولكن في الوقت نفسه هذا البلد يجب أن يكون موفر ومؤمن مواصفات المواطنة الصالحة للناس. إذا كنت تعادي العلويين الذين يبلغ عددهم 18 مليون في تركيا ومعادي للأكراد الذين هم 12/13 مليون حتما لن تنشأ مجتمع متضامن يجب أن يكون المجتمع في الداخل لديك مساواة بين كل المواطنين وليس هناك فساد وكذا.

المذيعة: وأنت تتحدث عن دول مرتاحة نوعا ما دكتور محمد، كيف لو نتحدث عن اليمن الذي ذكرته ثلاث مرات، اليمن اليمن اليمن الذي كان يعيش حربا لمدة تسع سنوات وجزء من هذه الحرب التي مورست عليه هو موقفه تجاه القضية الفلسطينية يقف اليوم موقف شجاع، ليس باللفظ إنما بالفعل.

الضيف: يعني لا أحد يتصور أنه منذ زمن في حرب 1973 أرسلت المغرب قوّة والعراق أرسل قوة كذا , وانتهت الحرب على انتصار للإنسان العربي ولكن على هزيمة على الأرض بالنهاية, وكنا نقول (أحسنتم) للمغاربة وللجزائريين وللعراقيين للسودانيين وغيرهم, ولكن اليوم نحن بوضع 90% من العالم العربي وأنا استثنيت الجزائر وسوريا بطبيعة الحال والتي تدفع أثمان باهظة جدا لقاء خياراتها الإستراتيجية المعادية لإسرائيل (وبالنسبة لإخواننا العراقيين موقفهم جيد ولكن يجب أن يكون أكثر من ما هو عليه) ما عدا ذلك من هي المواقف العربية؟ ليس هناك موقف عربي، نحن في أضعف أيامنا وأكثرها تشرذما وأكثرها خنوعا ومعظمنا يطبّع مع إسرائيل بهذه اللحظة الصعبة والسوداء من تاريخ العرب والمسلمين، ما عدا إيران أي دولة مسلمة جاءت؟ ماليزيا أو إندونيسيا أو باكستان (باكستان لديها قنبلة نووية ماذا تفعل هذه القنبلة النووية؟) كلهم. ولكن في هذه اللحظة يأتي إنسان حافي، يأتي إنسان لا يملك شيئا ولا يملك أي قدرات مهمة يمسك الصاروخ ويطلقه على الأرض الفلسطينية المحتلة بالنقب من اليمن هذه مسألة كما كانت عملية طوفان الأقصى عملية خيالية، وهذا الأمر أن تطلق صاروخ من اليمن للمرة الأولى، والآن بتاريخ الدول العربية كلها يضرب صاروخ موجه وعن قصد ويعرف من تتبناه على الكيان الإسرائيلي هذا أمر عظيم.

المذيعة: دون أن تهاب ردة الفعل ودون أن كيف سترد
أمريكا أو حتى العدو الصهيوني.

الضيف: يضربوا يدمروا ما هم أصلا واجهوا تحالف العدوان وعدوان اميركا وكل الدول الخليجية كلهم، فبالتالي لا هذا أمر ترفع له القبعة كما تقبل أقدام المقاومة في غزة وبطبيعة الحال في لبنان وبكل مكان تقبل أقدام هذا الحافي الإنسان اليمني المقاتل في مثل هذا الموقف ضد إسرائيل.

كتب التاريخ هذا الموقف اليمني الشجاع والجريء، لديك إرادة اسعى لأن تمتلك القدرة والقوة ولن يستطيع أحد هزيمتك، هذه إيران لديها إرادة وامتلكت القوة رغم الحصار، لا يمكن لأحد هزيمتها، لا أحد، صحيح أنه يمكن أنها ليست قوة قادرة على كل محيطها الإقليمي ولكن في هذه الحالة اليمنيين نفس الأمر قدموا مثال قدموا نموذج وقدوة، ولكم في اليمنيين أسوة حسنة بالنسبة للقتال والمقاومة والإرادة.

المذيعة: كتب التاريخ وهذه من أهم الجمل أيضا التي وردت بالإضافة إلى الكثير من الجمل التي حضرتك اليوم أضفتها بهذه المشهدية التي صورتها دكتور محمد. اليوم ما هي توقعاتكم حول مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية الأميركية في ضوء الأوضاع الحالية في الجزء الأول من هذه المعركة والجزء الثاني ولا نعلم إن سيكون هناك جزء ثالث، ستتغير ربما المواقف، ستزيد المواقف ربما أكثر حيادية أو أنها لا ستفعل، الميدان هم من سيحكم، كل يوم هنالك الكثير من التحديثات ولكن ما هي نظرتكم وهل برأيكم ستدفع تركيا ثمن حتى للإدانات اللفظية التي هي ذكرتها على لسانها؟

الضيف: ليس هناك شك أن الخطاب التصعيدي لفظي لتركيا لم يثر ارتياح إسرائيل، لأن إسرائيل إلا من هو تابع لها أو منسجم معها بشكل كامل، ولا تريد أحد أن ينتقدها ولو بشيء صغير وبالتالي الموقف التركي حتى الآن يمكننا القول لا يثير ارتياح إسرائيل، وقد تحاول إسرائيل خطط مستقبلية لمؤتمرات دولية لصيغة ما أن تحاول أن تبعد أو أن تستبعد تركيا عن مثل هذه المشاركات، ولكن مع ذلك تدرك إسرائيل تماما أنه بالعمق الموقف التركي بالظاهر ربما ولكن بالعمق لم تتخذ أي إجراء. وبالتالي أعتقد تركيا بلد كبير وإقليمي وعلاقاته قوية مع حماس وأي إجراءات مستقبلية لا يمكن أن تتم من دون حماس هذا أولا، وحماس قد تعطي قطر دور ولكنها تعرف بأن قطر هي عند الأميركيين ولا يؤتمن للقطريين ولكن ليس لديها خيارات، المصريين لا يؤتمن لهم أبدا وبالتالي قد تكون تركيا هي أحد الدول التي يمكن أن تكون ضامنة لأي حل مستقبلي قد يتطلب قوات متعددة الجنسية أو أطراف متعددة أن تشارك فيه، على أساس أن تكون حماس هي من تطلب ذلك، تركيا تضغط على حماس لتطلب من تركيا أن تكون جزء من هذا العمل.

المذيعة: ستكون تركيا وسيط؟

الضيف: لا يمكنها أن تقوم بدور الوسيط الآن، لأن أردوغان أحرق المراكب مع نتنياهو، وأعتقد المرحلة المقبلة ستكون تركيا خارج الحراك المباشر الذي يتعلق بإيجاد حل في غزة لاعتقادي بأنه لا يمكن عودة العلاقات التركية مع إسرائيل إلى (وضعها الطبيعي) لأن وضعها العملي مازال موجود وممتاز إلا بعد اتضاح السلطة السياسية في إسرائيل، يعني الأتراك يراهنون وأردوغان بأنه هناك الآن بعد وقف الحرب نتنياهو ذاهب فورا إلى التقاعد أو الحبس أو أي أمر آخر. أعتقد أن تركيا ستنتظر سلطة أخرى غير نتنياهو وعندها ممكن أن تبادر تركيا أو السلطة البديلة في إسرائيل تبادر. صحيح أن أردوغان أعلى الصوت لكني الإسرائيلي يعرف أنها فقط قنابل صوتية ويعرفوا تماما أن تركيا حافظت على علاقات عملية مع إسرائيل وبالتالي أنا أعتقد أن تركيا تنتظر مصير السلطة السياسية في إسرائيل قبل أن يكون لها دور فاعل أو مؤثر في المشهد السياسي في المنطقة.

المذيعة: كيف ستكون نظرة تركيا بعد انتهاء معركة طوفان الأقصى من حركة حماس تحديدا؟

الضيف: لم يكن أحد يتوقع طوفان الأقصى, لا الموساد ولا غيرهم كانوا على علم أو المخابرات الذي كان يقول عنهم داوود أوغلو يعرفوا كل ما يحصل في كل زاروب في سوريا ودمشق وما إلى ذلك وأقصد الاستخبارات التركية فأعتقد كما لأم يكن أحد يتوقع الذي جرى في 7 تشرين الأول, الآن لا يمكننا كثيرا أن نعرف ما بعد, لكن من الواضح من خلال خطابات حماس ومن خلال الواقع الميداني على الأرض الذي لم يعطي إسرائيل إلا التدمير والتدمير والقتل والتوحش والأفلام المفضوحة والتي تركّب عن المستشفيات وكذا وكذا وكذا والترحيل ولو جزء قليل, لكن البنية العسكرية لحماس, لم نرى بعد أحد من مقاتلي حماس قتل, طبعا هناك شهداء, لكن البنية التحية لحماس فوق الأرض أو تحت الأرض أنا أعتقد لم تُمس, هذه البنية ضاقت الحركة, لكنها مازالت سليمة إذا ليس 90% يمكن 70% .

المذيعة: الحقد نفذ في الشعب الفلسطيني، لكن المقاومة ثابتة وهي تصعّد يوميا عسكريا

الضيف: لا يمكن لأحد أن يدق إسفين، حماس من جهة أو الجهاد الإسلامي وبين الشعب الفلسطيني، يعرف الشعب الفلسطيني بأن طوفان الأقصى نقلت المعركة مما قبل الطوفان إلى ما بعده مرحلة جديدة.

المذيعة: فعليا كم قسمت معركة طوفان الأقصى التاريخ إلى قسمين ما قبل وما بعد وكم هي فعليا ما بعد طوفان الأقصى ستقسم الدول بين من وقف مع فلسطين وبين من تخاذل ولن ينسى التاريخ ولن ينسى الشعب ولن تنسى فلسطين ولن ينسى الضحايا.

الضيف: لا يمكن مقارنة عملية طوفان الأقصى بأي حدث تاريخي سابق في الصراع العربي الإسرائيلي لا بال 1948 ولا بالعام 1956 ولا بالعام 1967 ولا بالعام 1973 ولا بالعام 1993 ولا بالعام 1996 ولا بالعام 1982 ولا بالعام 2006 ولا غيره، هذه العملية غنية جدا في دروسها الحاسمة يعني هناك دروس وهذه العملية حاسمة جدا.

أولا بأن إسرائيل قابلة للزوال.

ثانيا إسرائيل قابلة أن تفرغ من سكانها هربا ولا حتى ستكون موطن آمن.

ثالثا لن يفكر أحد بالعودة إلى هذا الكيان يمكن أن يعود القليل ولكن فكرة عدم العودة إلى منطقة غير آمنة أصبحت موجودة داخل اليهودي في الخارج.

رابعا:  مثلما قمنا بعملية طوفان الأقصى ومثلها وغيرها وإن لم يكن اليوم ربما غدا أو خمس سنوات أو 10 سنوات أو 20 أو 50 التاريخ لا يقاس بالأيام يقاس بالإرادة أن تبقى حية ومشتعلة عند المقاومة الفلسطينية وعند الشعوب العربية والإسلامية وأظهرت أن إسرائيل غير موجودة, إسرائيل جزء من أميركا, جزء من الغرب وبالتالي من المحرم أن تقول نتنياهو صرّح كذا, وزير الدفاع الإسرائيلي صرّح كذا كلهم يتكلمون بلسان من يوحي لهم بذلك , هناك تماهي ما بين نتنياهو بأنه سيكمل العملية أو وزير الدفاع وبايدن يقول لكم وكذا ما هو هذا الكذب, إسرائيل هي جزء من أميركا والغرب, وبالتالي من احدى النتائج الخطيرة جدا ويؤسف له أظهرت (الحضارة) الغربية كم هي حضارة عنصرية بالكامل.

المذيعة: سيكتب التاريخ من جديد بقلم فلسطيني وبحبر فعليا مقاوم. أشكرك جزيل الشكر الباحث والخبير في الشؤون التركية الدكتور محمد نور الدين ضيف عزيز.

 

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen