طوفان الأقصى.. نقطة تحول استراتيجي، نحو هزيمة الكيان وتفكيكه
بعد عام على عملية طوفان الأقصى، وضع الاحتلال أهدافا كبيرة ومستحيلة التحقق، فتحولت هذه الحرب إلى حرب استنزاف للعدو، في حين أن المقاومة لم تقف مكتوفة الأيدي، وجعلت من هذه الحرب نقطة تحول استراتيجي تنذر ببداية نهاية الكيان، فأي إنجازات حققها طوفان الأقصى؟
لا يختلف عاقلان على أن الأحداث الكبرى على مر التاريخ تحمل في طيّاتها العديد من الإنجازات والخسائر، إذ لا يوجد فعل ما، مهما علا شأنه، قد اقتصرت تأثيراته وتداعياته على الإنجازات فقط، بل إن هناك جملة من الإخفاقات والخسائر رافقته أثناء حدوثه، وهو أمر طبيعي ولا يقلّل من كفاءة أو جدارة ذلك الفعل.
في صباح السابع من تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، جرى ما لم يُكن متوقّعاً، وحدث ما لم يُكن في حسبان أحد، سواء في المنطقة أو في العالم، في ذلك الهجوم الدراماتيكي، تساقطت كل الكتائب العسكرية لجيش الاحتلال، ودخلت في حالة من اللاوعي لما يجري.
أما على مستوى الخسائر البشرية والمادية، كانت الفاتورة التي دفعها الفلسطينيون مرتفعة للغاية، إذ سقط منهم حتى الآن أكثر من 50 ألف شهيد، إضافة إلى نحو مئة ألف جريح، إلى جانب دمار هائل في المنازل والبيوت والمنشآت الصناعية والتجارية، والبنى التحتية بمختلف أنواعها.
هذه الحال تكرّرت وإن بشكل أقل في مدن الضفة المحتلة، لا سيّما الشمالية منها، وفي جبهة المقاومة اللبنانية أيضاً، خصوصاً في الأسابيع الأخيرة، بالإضافة إلى بعض الخسائر في الجبهات اليمنية والعراقية.
على صعيد الإنجازات، معركة طوفان الأقصى قد نجحت بشكل لا لبس فيه في إعادة الصراع بين شعوب المنطقة وقواها الحيّة من جهة، وبين العدو الصهيوني من جهة أخرى إلى وجهته الصحيحة،
كما تم كشف "الدويلة" العبرية حقيقة المستويين الأخلاقي والإنساني خصوصاً، إضافة الى الإنجازات التي تتعلّق بكبح جماح مسيرة التطبيع وتعطيلها، كما نجح طوفان الأقصى من توحيد ساحات المقاومة في الإقليم بصورة لم نرها من قبل، وكشف مدى ضعف البنية الرئيسية للكيان العبري وهشاشتها، والذي رسم لنفسه خلال السنوات الماضية، وبمساعدة من دول شتّى في العالم والمنطقة صورة البطل الذي لا يُهزم.
على أي حال، المستقبل من دون أدنى شك، هو في صالح هذا الشعب، وفي صالح مقاومته الباسلة التي أظهرت الكيان الصهيوني على حقيقته، وفي صالح قوى المقاومة في الإقليم التي، وبالرغم من الأثمان الكبيرة التي دفعتها، خصوصاً في جبهة لبنان الحبيب، فإنها تسير بكل ثبات نحو تحقيق انتصار تاريخي مهما ازدادت الصعوبات، وتعاظمت التضحيات.