جبهةُ الاسناد اللّبنانيّة.. إذلالٌ واستنزافٌ لعامٍ كامل
من منطلق إنساني ديني وأخلاقي حضرت جبهة الإسناد اللبنانية في معركة طوفان الأقصى مثبّتةً معادلات أربكت الكيان وتاركةً تبعات مباشرة على مستوطنيه في الشمال.. فكيف نجحت المقاومة الإسلامية في مؤازرة غزة واسنادها طيلة عام كامل؟
من الحدود المُحاذيةِ لفلسطين المُحتلّة ومن جبهة جنوب لبنان تحديداً اتّخذت معركة طوفان الأقصى بُعداً آخر بفعل عمليّات المقاومة الإسلامية التي انخرطت بالمعركة منذ ساعاتها الاولى...
عامُ مرّ على إعلان المقاومة في لبنان النفير العام بوجه العربدة الصهيونية، إسناداً لإخوة الدين والدم في غزة هاشم، بعد أن تخلَّ عنها قادة العرب والمسلمين، ضاربين بروابط الدين والدم عرض الحائط.
لستم وحدكم... هذا هو الرابط المقدس بين الجبهتين اللبنانية والفلسطينية وبقية جبهات محور المقاومة،، لم تزده عربدة وجرائم العدو الصهيوني وراعيه الأميركي سوى قوة ومتانة ورسوخاً، رابطٌ مقدس بين عمالقة تقاسموا في زمن الأقزام، الوجع والألم، بوصلته ووجهته وقبلته القدس والمسجد الأقصى، وعلى طريق القدس يعرجون إلى مقعد صدقٍ، وفي طريق القدس لا خيار سوى النصر أو الشهادة.
وفي لحظة تأمل في محراب جبهة الإسناد اللبنانية، موقعها من الإعراب بعد عامٍ من مشاركتها في معركة طوفان الأقصى المباركة، يتأكد لنا جملة من النتائج الهامّة التي أرست معادلات يصعب على المحتل إلغاءها...
ولو راجعنا مستوى التدخل والإسناد وسياقه الزمني منذ 8 من أكتوبر 2023 سندرك تماماً أننا أمام جبهة إسناد فاعلة وذكية ووفيّة قادرة على قلب المعادلات ورسم استراتيجيات مواجهة جديدة، ربما يدرك الإسرائيلي البعض منها ولكنه حتماً غير قادر على إضعافها أو التقليل من مداها.
فجبهة حزب الله على مستوى الاسناد اليومي المستمر جبهة ساخنة جداً، بضرباتها المستمرة في كل يوم، والتي مع ما تلحقه من الخسائر اليومية بالعدو الإسرائيلي، صنعت له أيضاً مشكلةً كبيرة:
-من خلال طرد عشرات الآلاف من المغتصبين الصهاينة من شمال فلسطين.
-ومنعت عليهم أي استقرار في شمال فلسطين بمحاذاة الحدود اللبنانية.
-وعطلَّت عليهم المصانع ومختلف الأنشطة الاقتصادية من: زراعة وسياحة... وغيرها.
وهذا تأثير كبير، مؤثرٌ بشكلٍ عام على العدو الإسرائيلي، كما أنها جبهة إذلال للعدو الإسرائيلي، العدو الإسرائيلي يُحسّ بالإذلال، وعبَّر قادةٌ إسرائيليون عن ذلك، من جرأة حزب الله واستمراره يومياً بتلك الضربات المنكِّلة بهم، المدمِّرة لمواقعهم، التي تلحق الخسائر بهم: قتلى وجرحى ودماراً، وكذلك على المستوى الاقتصادي... وغير ذلك.
فجبهةَ الاسنادِ اللبنانيةَ تُحرقُ الشمالَ الفلسطينيَ المحتلَّ وتصيبُ عمقَ القرارِ بالضِيق، مع رواياتِ المستوطنين التي تتحدثُ عن تقلُّبِهم بينَ الصواريخِ والمُسيّراتِ التي تصلُهم من لبنانَ دونَ انذار..
اما اصعبُ الانذاراتِ فكانَ من جهاتِ العلاجِ النفسيّ التي حَذّرت من انَ ميزانية العلاجِ النفسي غير كافية لمكافحةِ اتساعِ حالاتِ الصدمةِ لدى المستوطنينَ ..
لقد نجح حزب الله في فرض جبهة استنزاف وضغط على العدو، وهو ما يتردد على ألسنة المسؤولين الرسميين والخبراء، ويتمثل في تهجير عشرات آلاف المستوطنين بقرار من الحكومة، وقرار عشرات آلاف آخرين الرحيل بأنفسهم، وهو أمر غير مسبوق منذ تاريخ هذا الكيان..
ولقد شكَّل هذا الضغط المتواصل عامل استنزاف للكيان وحكومته ولمجتمع المستوطنين وللجيش الذي فشل في توفير عنصر الحماية والامن لهم، ما أضرّ ذلك بصورة الردع الاسرائيلي.
لا ريب أن المقاومة تحقق الإنجازات بالنقاط من خلال مواجهة العدو، خصوصًا لجهة نجاحها في اختراق منظومة العدوّ الدفاعية الإلكترونية، ووصول مسيرات المقاومة إلى عمق الأراضي الفلسطينية، وتصوريها مواقع عسكرية للعدو بغاية الدقة، أضف إلى ذلك الدقة أيضًا في إصابة الأهداف المعادية في البر والجو، وتجلى ذلك من خلال إسقاط الطائرات المسيرة المعادية.
وعليه، ان استمرار حرب الاستنزاف ضد الكيان الصهيوني يعني بشكل واضح ارتفاع تكلفة الدفاع عن الكيان ستصبح عالية جدا ، فهل تتخلى الدول الغربية عن الكيان ونشهد تفككه؟ الإجابة تبقى مرهونة بالميدان وبقرار عدوّ غبيّ يمضي بيديه نحو زواله المُحتّم.