قصفٌ مستمر: الشهداء والجرحى يتزايدون في قطاع غزّة المحاصر
في اليوم التاسع و العشرين بعد الثلاثمئة من الحرب على القطاع المحاصر، تتواصل آلة القتل الإسرائيلية في استهداف المدنيين الأبرياء، مخلفة وراءها عشرات الشهداء والجرحى، وسط دمار شامل لا يفرق بين بيت وآخر.
في اليوم الـ 329 من الحرب على غزّة، تقف الإنسانية عاجزة أمام المشهد المؤلم الذي يخيّم على القطاع المحاصر. لقد واصلت طائرات الاحتلال "الإسرائيلي" ومدفعيته قصف مناطق متفرقة، لتضيف إلى قائمة الشهداء والجرحى المزيد من الضحايا الأبرياء، في حرب لا ترحم ولا تميّز بين طفل وشيخ، بين بيت وآخر.
في بلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس، استُهدف منزلٌ بقصف جائر، لينتهي به الحطام على رؤوس ساكنيه. ثلاثة شهداء كانوا هناك، وجرحى آخرون قد يضافون إلى قائمة طويلة من المصابين الذين يعانون في ظل حصار يقطع عنهم أبسط سبل العلاج. في واد صابر جنوبي البلدة، كان هناك خيمة تؤوي نازحين، ممن هربوا من قسوة الحرب ليجدوا الموت في انتظارهم، حيث استشهد خمسة أشخاص، ليرتفع عدد الأرواح التي أزهقت بلا ذنب.
في شمالي القطاع، لم يسلم الأطفال من هذا العدوان؛ فطفل صغير كان من بين شهيدين سقطا في استهداف شقة سكنية بمخيم جباليا، بينما يتواصل سقوط المصابين في تلك اللحظات التي تعجز فيها الكلمات عن وصف الألم الذي يعتصر قلوب الأمهات والآباء وهم يودعون فلذات أكبادهم.
أما في وسط القطاع، فقد كانت منطقة الدعوة في النصيرات على موعد مع القصف الصهيوني، حيث جُرح عدد من الفلسطينيين. وفي جريمة جديدة، استُهدف منزل آخر في شمالي المخيم، لكن الأقدار شاءت ألا يسقط ضحايا هذه المرة، رغم الرعب الذي خيّم على المكان.
وفي مشهد آخر من فصول هذه المأساة، تساقطت الأجساد البريئة على الأرض في مخيم النصيرات، حينما استهدفت طائرات العدو شقة سكنية غربية المخيم، ليسقط تسعة شهداء، بينهم أربعة أطفال كانوا يحلمون بيوم أفضل، وبدلاً من ذلك، اختطفهم الموت في لحظة. ولم يتوقف العدوان عند هذا الحد، بل امتدت يد الإجرام لتقصف المنطقة الغربية لمحطة توليد الكهرباء، متسببة في اندلاع حريق كبير يزيد من معاناة الناس الذين فقدوا الكهرباء في لحظات حالكة السواد.
وفي غزة، استشهد ثلاثة فلسطينيين في شارع البركة، حيث كانت الغارات "الإسرائيلية" تلاحق المواطنين في كل زاوية. وفي دير البلح، كانت النهاية مأساوية لحي القسطل الذي دمره جيش الاحتلال بالكامل، بعدما توغل فيه لعدة أيام، ليترك خلفه بيوتًا مدمرة وبنية تحتية ممزقة، وأناسًا بلا مأوى.
وأمس، ارتفعت حصيلة الشهداء إلى 54 في يومٍ واحد، ليصل العدد الإجمالي للضحايا منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 40 ألفًا و602 شهيد، و93 ألفًا و855 مصابًا. إنها أرقام لا تعبّر عن الألم الفعلي، لكنها تروي حكاية شعبٍ يواجه الموت يوميًا، ويتشبث بالحياة في كل لحظة، رغم كل شيء.