تنحي بايدن.. من تمردّ الديمقراطيين إلى غضب المانحين
بعد ايام مليئة بالأحداث والوقائع جاء إعلان بايدن انسحابه من السباق الرئاسي لولاية جديدة، فماذا كانت الدوافع للوصول هذا القرار؟ وماذا في خلفياته؟
بعد أشهر من العناد والمكابرة والمحاولات الدائمة والمستميتة لإخفاء حقيقة وضعه الصحي المتدهور، وحالته العقلية المتردية، اتخذ الرئيس الأميركي جو بايدن قراراً، وصفه المقربون منه بالأصعب، بالانسحاب من السباق الرئاسي لولاية جديدة.
ما تجدر معرفته، أن هذا القرار جاء كنتيجة حتمية لحملة من الضغوط الكبيرة شرع فيها العديد من المشرعين والمسؤولين في الحزب الديمقراطي، بعدما كان وصف الكثيرون منهم ظهوره خلال المناظرة الأخيرة مع خصمه اللدود دونالد ترامب، بأسوأ أداء لمرشح رئاسي في تاريخ السياسة الحديث، حيث بدا بايدن حينها ضعيفاً وضائعاً، يتمتم ويتلعثم ويفقد تسلسل أفكاره. ومنذ تلك اللحظة، دقّ الديمقراطيون ناقوس الخطر، وأعلنوا النفير العام لدفعه إلى التنحي، تداركاً للتداعيات الكارثية التي كانت ستحل بحزبهم إن أصرّ على مواصلة السباق الرئاسي.
كانت الأيام والساعات التي سبقت إعلان بايدن انسحابه، مليئة بالأحداث والوقائع استناداً إلى أكثر من 10 شخصيات ديمقراطية من حملته الانتخابية، والبيت الأبيض والكابيتول هيل، (الذين تحدثوا إلى الصحافة الأميركية بشرط عدم الكشف عن هويتهم).
فالأجواء داخل المؤسسات الرسمية والديمقراطية، كانت تضجّ بالتمتمات والوشوشات، والأحاديث الجانبية في الغرف المغلقة وبين الممرات من قبل العاملين بحملة بايدن الانتخابية وموظفي البيت الأبيض، وكلها تشير إلى أن أمراً ما قادم في الأجواء، وتفترض أيضاً أن شيئاً ما يجب أن يحدث – مثل الاعتراف بالواقع – غير أنهم لم يعرفوا ماذا ومتى وكيف.
وما زاد الطين بلة، أن الخريطة الانتخابية لبايدن كانت تتوسع في الاتجاه الخاطئ. فمال المتبرعين يجف، بعد إحجامهم عن التبرع عقب المناظرة. ناهيك بأن استطلاعات الرأي، وخصوصاً في الولايات التي تؤيد الديمقراطيين، انتقلت من سيئ إلى أسوأ.
كان بايدن قد اتخذ قراره ليلة السبت الفائت، بعد تأكده من أنه ليس لديه أي أمل بالفوز ثم ذهب إلى الفراش. لكنه بقي مستاءً من المشرّعين الديمقراطيين، واستراتيجيي الحزب الذين بدأوا بالتآمر عليه علناً لطرده.
لم يطل الأمر كثيراً، حتى اتصل بايدن يوم الاحد، بنائبته هاريس وأخبرها مباشرة بقراره.
وهكذا أنهى بايدن حُلمه مكرهاً، بانتظار أن يتقاعد من العمل السياسي الذي استمر لنصف قرن، جلب للبشرية خلال هذه الأعوام الطويلة الكثير من الويلات والحروب والشرور والإرهاب، لا سيما في اليمن وسوريا والعراق وغيرها من مناطق العالم. وبالطبع، مشاركته الواضحة في مجازر غزة وتدمير جزء من جنوب لبنان.