العمر مجرد رقم والنجاح قرار
يوجد اعتقاد سائد وخاصة في منطقتنا العربية أنَّ ثمة عمر محدد للنجاح، وأنَّ ثمة عمر معين لكي نعيش الحياة، وما إن يتجاوز الإنسان ذلك العمر، فإنَّه يهمل نفسه ولا تبقى لديه همة نحو النجاح والعمل.
النجاح والفشل لا يقاس بالتجارب الشخصية
إنّ إسقاط التجارب الشخصية على الآخرين، وإصدار الأحكام الجاهزة على أن غيرها من التجارب ستحظى بالنجاح أو الفشل هو سلوك يغزو المجتمعات؛ إذ تبدأ الانتقادات والنصائح من دون أساس واضح لها، ولا يتم الالتفات إلى أن لكل شخص حياته وقصته وفلسفته وتجربته الخاصة التي تأتي وفقا لمتطلبات الحياة وأولوياتها والتي تختلف عن غيرها.
النجاح والفشل والتقدم والتأخر، كلها أمور لا تقاس حتماً بتجربة الآخر حتى وإن تشابهت وبدت مماثلة تماماً لقصص عاشها الآخرون، واختبروا فيها الكثير من مواقف القوة والضعف والحزن والفرح والصدمة والنجاح والسقوط والتماسك.
الهدف يحقق النجاح
أي حياة بدون أهداف واضحة ومحددة حياة خاوية لا قيمة لها، وإنسان بلا أهداف مجرد رقم أو إنسان هامشي لا قيمة له، والأهداف على مستويات: قصيرة المدى، ومتوسطة المدى، وبعيدة المدى، ولكل زمنها المحدد. ولا يشترط أن تكون الأهداف عظيمة أو كبيرة أو معقدة، بل المهم أن يحدد المرء أهدافاً يسعى لتحقيقها بعزم وإصرار وإرادة لا تلين، ويضع لها إجراءات وسبل لتحقيقها، مع ضرورة تجزئتها عند اللزوم، ومراجعتها بين الحين والآخر، وإعادة النظر فيها أو إجراءاتها عند حدوث أي خلل.
فالنجاح ليس حكرًا على أحد، ولا فئة دون أخرى، فهو متاح وممكن لكل من يحاول بجدية، ولا حجة لأحد أن يتذرع بأي شيء، وليسأل كل نفسه: ما الذي يحول بينه وبين النجاح؟ وسيجد أن كل الأسباب وهمية، لا تصمد أمام الإصرار والعزيمة، وأن لا عمر محددًا لبدء طريق النجاح، فكل لحظة تصلح لأن تكون نقطة بداية وانطلاق. ومع أن النجاح في متناول الجميع، لكنه لا يُورث ولا يُقلد، ولكن يُحاكى، فلا يعتمد من ينشد النجاح على نجاح أبيه أو أخيه، ولا يحاول أن يقلد الناجحين، فالنجاح لا يُستنسخ، ولكن عليه أن يُحاكي أعمال الناجحين بما يتوافق مع هدفه وشخصيته وظروفه.
وفي المقابل، فإن للنجاح عدوى محببة، قد يروق للبعض، فيسعى لنجاحه الخاص، فهو ليس أقل ممن نجح، ويملك القدرات والإمكانات التي توصله إلى ما يريد. إن النجاح أن يعمل المرء ما يحسن ويحب، فكل خلق لما هو ميسر له، ومجالات النجاح كثيرة، وليس شرطًا النجاح فيها كلها، فقد ينجح المرء في العمل، ويفشل أسريًا، وينجح في الجامعة، ويفشل في العمل، فالنجاح في مجال لا يعني نجاحًا في مجال آخر، ولكن على الإنسان أن يسعى لتجنب الفشل، أو التقليل من آثاره قدر المستطاع.
والإنسان الناجح تكون حياته كلها مسيرة متواصلة من النجاح أو في الطريق إليه، فالنجاح لا قمة ولا نهاية له، بل سلسلة لانهائية من الدرجات، كل درجة تُسلم إلى درجة أعلى. والنجاح الحقيقي لا يؤمن بالقمم أو يهدف الوصول إليها، لأن الوصول إلى القمة يعني بداية الانحدار، بالإضافة إلى كونه أنانية وفردانية لا تحتمل الشراكة، ولكن النجاح درجات رحبة تتسع للجميع، وتكبر وتتمدد كلما كثر عدد الناجحين. ومن أخطر ما يتهدد الناجحين، الركون إلى النجاح في مرحلة ما، لأن الركون إلى النجاح فشل، فعلى الإنسان أن يسعى إلى النجاح ما دام فيه نَفَس، ولا يكتفي بمرحلة معينة، أو فترة محددة، أو هدف ما، فالنجاح له نقطة بداية، ولكن لا يعترف بالنهايات!