مجازر إسرائيلية متجددة في غزة: النازحون بين القنابل الحارقة وافخاخ المناطق الآمنة
من خيام النزوح في حي الشيخ رضوان إلى شوارع خان يونس، ومن المواصي التي سوّقها الاحتلال كمنطقة آمنة إلى منازل العائلات شرق غزة، لا يتوقف مسلسل المجازر الإسرائيلية، جريمة تلو أخرى تُرتكب بدم بارد، لتؤكد أن الإبادة بحق المدنيين ليست نتيجة حرب، بل سياسة ممنهجة ومخطط متعمد.
مشاهد متكررة من الدم والنار في غزة، حيث يحوّل الاحتلال الإسرائيلي كل ملاذٍ إلى مسرح قتل جماعي، مستهدفاً النازحين والمرضى والأطفال تحت ذرائع الإنسانية الكاذبة.
طائرات الاحتلال استهدفت خيام النازحين ومركباتهم في محيط عيادة الشيخ رضوان شمال مدينة غزة بالقنابل الحارقة، ما تسبب بحرائق هائلة عجزت فرق الدفاع المدني عن إخمادها. القصف طال أيضا سيارة الإسعاف الوحيدة في المنطقة، في محاولة متعمدة لتوسيع دائرة الضحايا ومنع أي إمكانية لإنقاذ الجرحى.
المصادر الطبية أكدت ارتفاع حصيلة الشهداء في القطاع منذ فجر الثلاثاء إلى أكثر من مئة وثلاثة عشر شهيدا بينهم أربعة وعشرون من منتظري المساعدات. ومن بين الضحايا صحفيان هما رسمي سالم وأيمن هنية.
وفي خانيونس، ارتقى سبعة شهداء أثناء انتظارهم للمساعدات، فيما استُشهد مواطنان قرب المستشفى الأردني في حي تل الهوى، وآخرون في استهدافات متفرقة طالت منازل وأحياء سكنية في الشيخ رضوان والصبرة ودير البلح.
وفي واحدة من أبشع المفارقات ارتكب الاحتلال مجزرة في منطقة المواصي غرب خانيونس حيث استشهد اثنا عشر فلسطينيا معظمهم أطفال أثناء تعبئة المياه. ثلاثة صواريخ مسيّرة حوّلت المشهد الإنساني البسيط إلى ساحة دماء. المفارقة أن الاحتلال كان قد وزّع تعميما على سكان غزة للانتقال إلى المواصي باعتبارها منطقة آمنة ما يجعل المجزرة جريمة مركبة تتضمن التضليل المتعمد إلى جانب الاستهداف المباشر للمدنيين.
مكتب الإعلام الحكومي في غزة كان قد حذّر سابقا من أن المواصي ليست سوى مساحة مكتظة بخيام مهترئة بلا مياه صالحة للشرب أو خدمات صحية. المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان وصفها بالمقبرة الجماعية البطيئة حيث يقضي النازحون بين المرض والمجاعة من جهة وغارات الاحتلال من جهة أخرى.
وفي شرق مدينة غزة، استشهد أحد عشر فرداً من عائلة واحدة عقب قصف منزلهم قرب مدرسة الزهراء في حي الدرج لترتفع حصيلة العدوان الإسرائيلي منذ السابع من اكتوبر عام ألفين وثلاثة وعشرين إلى أكثر من ثلاثة وستين ألفاً وستمئة وثلاثة وثلاثين شهيدا إضافة إلى مئة وستين ألفاً وتسعمئة وأربعة عشر جريحاً، بينما لا يزال آلاف المفقودين تحت الركام.
من الشيخ رضوان إلى المواصي ومن عائلات الدرج إلى أطفال خانيونس، يثبت الاحتلال أن لا مكان آمن في غزة وأن الإنسانية التي يتشدّق بها ليست سوى غطاء لمجازر جماعية تتكرر كل يوم وسط صمت دولي مخز.