الاحتلال يراوغ: لا تهدئة في الأفق… والميدان يتقدّم على السياسة
مع دخول الأسبوع الثالث من دون ردّ صهيوني رسمي على مقترَح التهدئة الذي وافقت عليه حركة حماس، تزداد المؤشرات على أن حكومة الاحتلال تتّجه نحو مزيد من التصعيد العسكري في قطاع غزة، وسط خلافات داخلية حادة، وتجاهل متعمّد للمساعي لوقف إطلاق النار.
في وقت كان يُفترض فيه أن تكون طاولة المفاوضات مزدحمة بالمقترحات، يبدو أن الاحتلال الصهيوني اختار مرة أخرى صوت المدافع على صوت الوسطاء. فحتى اليوم، لم تقدّم حكومة الاحتلال أي ردّ رسمي على مقترَح التهدئة الذي وافقت عليه حركة حماس منذ أكثر من أسبوعين.
رسائل غير مباشرة وصلت إلى القاهرة، وفق ما أكّده مسؤول مصري رفيع، تفيد بأن تل أبيب قرّرت المضيّ في عملياتها العسكرية داخل القطاع، تحت مبرّر الضغط على حماس لتسليم الأسرى ونزع السلاح.
الجانب المصري حذّر من أن هذا المسار سيقضي نهائياً على فرص التهدئة، لكن الردود الإسرائيلية، كما تنقل مصادر إعلامية عبرية، تُظهر أن الحكومة لا ترى أي داعٍ للعودة إلى طاولة التفاوض في الوقت الحالي، مستندة إلى ما تعتبره نجاحات ميدانية تحققها قواتها في القطاع.
في السياق نفسه، شهد اجتماع المجلس الوزاري المصغّر الكابينت نقاشاً محتدماً دام أكثر من ست ساعات. وزير الأمن القومي المتطرّف إيتمار بن غفير اقترح التصويت على رفض أي صفقة جزئية مع حماس، لكن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو رفض الطرح، قائلاً إن الصفقة ليست على الطاولة أصلاً، في محاولة واضحة لقطع الطريق على أي تقدم سياسي.
ورغم ذلك، كشفت تقارير إسرائيلية عن دعم صريح من كبار المسؤولين الأمنيين، أبرزهم رئيس الأركان إيال زامير ورئيس جهاز الموساد ديفيد برنياع، لفكرة الصفقة الجزئية. هؤلاء يرون أن الظروف الحالية قد تتيح استعادة الأسرى مقابل تهدئة مؤقتة، متحدثين عن نجاح عملية عربات جدعون كغطاء ميداني كافٍ لدعم الاتفاق.
وبينما يتزايد الضغط الدولي، خاصة مع تحذيرات منظمات حقوقية، تحدّثت صحيفة هآرتس عن دعم أميركي مشروط لمواصلة العمليات، لكنه مشروط بأن تنتهي بسرعة، تفادياً لموجة انتقادات دولية أكبر.
في ظلّ هذا المشهد المعقّد، تبدو التهدئة أبعد من أي وقت مضى، وسط تصلّب إسرائيلي، وتخبّط داخلي، يُفاقمه انقسام واضح بين قادة السياسة والعسكر، وبين الميدان والسياسة، تبقى غزة تحت النار بلا أفق.