دير البلح... آخر الملاجئ تحترق وخطة الإبادة الصهيونة تتواصل
في تطور خطير يعكس تصعيدًا غير مسبوق، حوّل الاحتلال الصهيوني مدينة دير البلح، آخر ملاذ للنازحين في وسط غزة، إلى ساحة دمار شامل، وسط تقديرات فلسطينية ودولية تشير إلى أن العملية جزء من سياسة ممنهجة لإزالة أي منطقة يمكن اعتبارها آمنة داخل غزة.
أين المفرّ؟ .. لم يعد لهذا السؤال معنى في غزة، بعدما أسقطت تل ابيب آخر أوراقها التوت، وقررت أن لا تترك مكانًا آمنًا، ولا تُبقي على بقعة تُلجأ إليها.
ففي سابقة هي الأولى منذ بدء الحرب، شنّ جيش العدو عملية برية عنيفة استهدفت مدينة دير البلح وسط القطاع، والتي كانت تُوصف بأنها أكثر المناطق هدوءًا، وأكبر تجمّع للنازحين والمؤسسات الإغاثية.
طوال الأشهر الماضية، حافظت المدينة على موقعها كـممر إنساني، لكن الاحتلال قرر تحويلها إلى ساحة دمار ونزوح جماعي، ضمن ما يبدو أنه تكريس لخطة تقسيم غزة وتفتيتها ميدانيًا، وإنهاكها إنسانيًا حتى الإبادة.
خلال 48 ساعة فقط، دمّرت آلة الحرب الإسرائيلية أحياءً سكنية في جنوب غرب دير البلح، وأحرقت مخازن منظمة الصحة العالمية وأوقفت عمل مستشفيات ومقرات إغاثية، من بينها الهلال الأحمر . وعادت مشاهد النزوح الجماعي والفرار تحت القصف، لتتكرّر من جديد، بعدما أجبرت أوامر الإخلاء الإسرائيلية أكثر من 250 ألف مدني على مغادرة منازلهم.
تبرير العدو بأن العملية تهدف إلى تحرير جنود أسرى لم يصمد طويلًا. فقد كشفت مصادره أن الجثامين التي انتُشلت خلال الهجوم تعود لفلسطينيين، وليس لجنود إسرائيليين، ما فجّر غضب عائلات الجنود في الداخل. أما المقاومة، فأعلنت فقدان الاتصال بمجموعة أسرت جنديًا إسرائيليًا خلال التوغل.
الدمار في دير البلح لم يكن استثناءً، بل جزء من خطة أوسع تسعى إلى سحق ما تبقى من القطاع. فوفق بيانات أممية، أكثر من 88٪ من غزة بات إما مدمّرًا أو واقعًا تحت أوامر إخلاء أو ضمن مناطق عسكرية إسرائيلية. وفي الجانب الإنساني، أعلنت مستشفيات القطاع وفاة 21 طفلًا بسبب الجوع في الأيام الثلاثة الأخيرة فقط.
لقد تحوّلت دير البلح، التي كانت ذاكرة نازحين وكنعانيين وتاريخًا قديمًا للحياة، إلى وجه جديد للمجزرة. ومن رفح إلى جباليا، ومن خان يونس إلى غزة القديمة، تمضي تل ابيبل في مشروعها الأكثر وضوحًا: إبادة غزة شعبًا وأرضًا... بلا تردد، وبلا اصوات منددة.