مفاوضات بالدوحة.. ضغوط أميركية مكثفة لوقف حرب غزة وصفقة تبادل تلوح بالأفق
تشهد مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة تحوّلاً لافتاً، مع دخول الإدارة الأميركية على خط الأزمة بفاعلية غير مسبوقة، وبدأ الرئيس الأميركي بتحريك أدواته السياسية والدبلوماسية، في محاولة لرسم معالم تسوية جديدة تعيد ترتيب أوراق المنطقة.
تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن نيّته إنهاء الحرب على قطاع غزة لم يكن مجرد موقف عابر أو مجاملة دبلوماسية للقادة الخليجيين خلال جولته، بل بدا أقرب إلى إعلان نوايا في إطار استراتيجية أميركية أشمل لإعادة ضبط التوازنات في الشرق الأوسط، بما يخدم المصالح الأميركية أولاً.
وفي هذا السياق، بدأت الضغوط الأميركية تتزايد على الحكومة الصهيونية، وتحديداً على رئيسها بنيامين نتنياهو، بهدف التوصل إلى تسوية توقف القتال. غير أن ترامب لا يسعى إلى فرض اتفاق بالقوة، بل إلى إنضاج صفقة هادئة تحقق الحد الأدنى من الأهداف السياسية، دون أن تهزّ العلاقة الوثيقة مع تل أبيب.
نتنياهو من جهته، لا يزال يتمسّك بموقفه المتشدد، رافضاً أي تسوية لا تفضي إلى هزيمة حركة "حماس" بشكل كامل، سياسياً وعسكرياً. ويرى في أي اتفاق يظهر إسرائيل في موقع المتنازل، تهديداً لمكانته ولتوازن حكومته الائتلافية الهشة.
لكن الوقائع على الأرض تغيّرت. الجيش الإسرائيلي منهك، وأوامر الاستدعاء تواجه رفضاً داخلياً، والمعارضة الشعبية للقتال تتسع. كل ذلك، إلى جانب الضغط الأميركي، يضع نتنياهو في موقع دفاعي، ويفتح المجال أمام احتمال تقديمه لتنازلات محسوبة، قد تشمل تخفيف العمليات، والسماح بدخول مساعدات إنسانية.
وفي ظل هذا الضغط، انطلقت جولات تفاوض جديدة برعاية قطرية في الدوحة، شهدت لقاءات وُصفت بالصريحة بين وفد من حركة حماس والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، إلى جانب ممثل عن الرئاسة الأميركية لشؤون الرهائن. اللقاء، بحسب مصادر مطلعة، تحاشى الخوض في النقاط الأكثر حساسية، مثل سلاح المقاومة، ما يشير إلى رغبة متبادلة في التمهيد لتهدئة أولية.
في المقابل، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن عروض متعدّدة قدمها ويتكوف لنتنياهو، تتناول آليات وقف النار، وضمانات أميركية لحماس، ومقترحات مرنة بشأن صفقة تبادل الأسرى. غير أن تل أبيب، بحسب مصادر مطّلعة، لا تزال متمسكة بالخطة الأصلية التي وضعتها، وترفض أي تسوية شاملة قبل تحقيق أهداف الحرب بالكامل.
ومع اقتراب الحسم، تُمارس واشنطن ما تصفه وسائل إعلام عبرية بـ"ضغوط غير مسبوقة" على الطرفين، بينما يبدي بعض المسؤولين الأميركيين استعدادهم لتقديم صيغ معدّلة قد تُسهّل التوصل إلى اتفاق مؤقت، يشمل إدخال مساعدات عاجلة وتبادل أسرى، دون إعلان صريح لإنهاء الحرب.
في المحصلة، يبدو أن ترامب يسير على حبل مشدود بين دعم إسرائيل وتهدئة المنطقة، بينما يحاول نتنياهو الحفاظ على صورته كرجل الأمن القوي. وبين الضغوط والمناورات، تبرز صفقة محتملة في الأفق، قد تشكل بداية مسار سياسي جديد، لكنه هشّ ومعقّد، محفوف بالعقبات الداخلية والخارجية.