14 شباط , 2025

أميركا ترفض خطة ترامب لتطهير غزة: تصعيد داخلي ضد الهيمنة الإسرائيلية

بينما يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، طرح أفكار مثيرة للجدل حول السيطرة على غزة وتهجير الفلسطينيين، يتصاعد الرفض الواسع داخل الولايات المتحدة وخارجها حيث وقع أكثر من مئة واربعين نائبًا ديمقراطيًا في مجلس النواب على رسالة تطالب ترامب بالتراجع عن تصريحاته في حين اجتمع العديد من الشخصيات اليهودية البارزة، من حاخامات وناشطين، ليعبروا عن رفضهم الشديد لهذه الخطة، مؤكدين أن ما يقترحه ترامب لا يتفق مع القيم الإنسانية، تحول يسلط الضوء على الانقسام العميق داخل المجتمع الأميركي حول كيفية التعامل مع القضية الفلسطينية، ويؤكد على أن الأصوات التي تعارض الهيمنة الإسرائيلية بدأت تتعالى بشكل غير مسبوق.

بينما يحاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إعادة صياغة سياسته الخارجية وفق مصالحه الشخصية وتحالفاته مع الاحتلال الإسرائيلي، يتصاعد الرفض الداخلي والخارجي لمقترحاته الخطيرة بشأن قطاع غزة. آخر فصول هذا الرفض جاء من داخل الولايات المتحدة نفسها، حيث وقّع أكثر من 140 نائبًا ديمقراطيًا في مجلس النواب على رسالة تحثه على التراجع عن تصريحاته بشأن "السيطرة" الأميركية على غزة، في خطوة تعكس حجم الغضب من النهج العدواني الذي يتبناه ترامب تجاه القضية الفلسطينية.

لم يكن الاستنكار محصورًا في الأصوات المعتادة المناهضة لترامب، بل امتد ليشمل ثلثي الديمقراطيين في مجلس النواب الأميركي، الذين رأوا في تصريحاته خطرًا أخلاقيًا واستراتيجيًا على الولايات المتحدة. الرسالة، التي قادها النائبان شون كاستن وبراد شيرمان، شددت على أن فرض السيطرة الأميركية على غزة لن يكون فقط عملًا غير أخلاقي، بل سيضر بالمكانة العالمية لواشنطن ويعرض قواتها للخطر، فضلًا عن كونه وصفة جاهزة لتعزيز الإرهاب بدلًا من القضاء عليه.

هذا الموقف يعبّر عن انقسام حاد داخل السياسة الأميركية حول التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، حيث لم تعد واشنطن قادرة على التستر على جرائم الاحتلال بنفس السهولة التي كانت تفعلها في السابق.

المفاجأة الأكبر لم تكن فقط في موقف الديمقراطيين، بل في الموقف غير المسبوق الذي تبناه أكثر من 350 حاخامًا وناشطًا يهوديًا، والذين وقّعوا على إعلان نُشر في صحيفة نيويورك تايمز يدين مخططات ترامب، واصفًا مقترحه بأنه "تطهير عرقي فعّال" للفلسطينيين في غزة.

لم يكن هذا الإعلان مجرد بيان رمزي، بل صرخة غضب ضد مشروع ترامب التهجيري، حيث أكد الموقعون، بمن فيهم شخصيات بارزة مثل المخرج توني كوشنر والكاتبة نعومي كلاين والممثل خواكين فينيكس، أن "الشعب اليهودي يقول لا للتطهير العرقي".

الحاخام توبا سبيتزر استحضر في تعليقه إرث النكبة الفلسطينية عام 1948، مشيرًا إلى أن مقترحات ترامب تعيد إحياء واحدة من أبشع الجرائم التاريخية التي تعرض لها الفلسطينيون. أما الحاخام يوسف بيرمان، فلم يتردد في توجيه ضربة مباشرة لترامب قائلًا: "يبدو أنه يعتقد نفسه إلهًا، لكنه ليس كذلك. لا يمكنه أن يسلب الفلسطينيين كرامتهم أو يسرق أرضهم من أجل صفقة عقارية".

في الوقت الذي تلقى فيه ترامب وابلاً من الإدانات، كان الاحتلال الإسرائيلي الجهة الوحيدة المتحمسة لخطة تهجير الفلسطينيين والسيطرة على غزة. لكن حتى داخل دوائر الاستخبارات الإسرائيلية، لم يكن الجميع مقتنعًا بجدوى هذا الطرح.

رامي إيغر، مسؤول سابق في قسم الأسرى والمفقودين في "الموساد"، وصف تصريح ترامب بأنه "زلة لسان من تاجر عقارات فاشل"، في إشارة إلى افتقار مقترحاته لأي رؤية سياسية أو استراتيجية حقيقية، وأنها مجرد انعكاس لحلمه الشخصي بالربح والسيطرة.

التفاعل الأميركي الداخلي مع تصريحات ترامب يعكس تحولًا مهمًا في الخطاب السياسي داخل واشنطن، حيث لم يعد بإمكان أي رئيس أميركي، مهما كان نفوذه، أن يمرر مشاريع تهويدية أو تهجيرية دون مواجهة رفض واسع.

الأحداث الأخيرة تؤكد أن التطرف الأميركي في دعم الاحتلال لم يعد يحظى بالإجماع الذي كان عليه في العقود الماضية. فمن داخل الكونغرس إلى الحاخامات والمنظمات اليهودية، بدأت الأصوات تتعالى ضد النهج الاستعماري الجديد الذي يسعى ترامب إلى فرضه، في إشارة واضحة إلى أن زمن "الهيمنة المطلقة" قد انتهى، وأن الشعوب، بما فيها الشعب الأميركي نفسه، بدأت تدرك حجم الجريمة التي ترتكب بحق الفلسطينيين.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen