17 كانون الثاني , 2025

إعادة الإعمار في مستوطنات الشمال.. أزمة عميقة وتحدٍ وجودي للعدو

تشهد مستوطنات الشمال أزمة حقيقية تفاقمت بعد الأحداث الأخيرة، حيث أصبحت إعادة الإعمار تحديًا معقدًا يتجاوز البنية التحتية إلى التأثير النفسي والاجتماعي على المستوطنين، هذا الوضع يعكس عمق الأزمة التي يواجهها العدو، حيث تتداخل التحديات الأمنية والاقتصادية مع الضغوط السياسية.

إعادة الإعمار لم تعد مجرد عملية هندسية، بل باتت اختبارًا حقيقيًا لقدرة الاحتلال على الصمود أمام تداعيات الصراع في المنطقة، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل هذه المستوطنات وإمكانية استمراريتها.

أزمة إعادة الإعمار تسلط الضوء على ضعف الاستجابة الحكومية والتمييز الواضح في تخصيص الموارد بين الشمال والجنوب، حيث تبدو مستوطنات الشمال وكأنها تعاني من تهميش مزمن.

هذا الواقع يثير تساؤلات حول جدوى الاستثمار في هذه المناطق على المدى البعيد، ومدى قدرة الاحتلال على إقناع المستوطنين بالبقاء في ظل بيئة غير مستقرة أمنيًا واقتصاديًا.

ومع تصاعد المخاوف من تراجع اهتمام الأجيال الشابة بالعودة إلى هذه المستوطنات، تتحول إعادة الإعمار إلى معركة لتعزيز "المناعة المجتمعية" وجذب سكان جدد من خلال توفير الحوافز وإطلاق مشاريع تنموية تضمن استدامة الحياة فيها.

إلا أن استمرار هذه الجهود يعتمد بشكل كبير على رؤية الاحتلال واستعداده للاستثمار في منطقة أصبحت رمزًا للتحديات التي تهدد استمراريته.

وقدم رئيس حركة هموشافيم الصهيونية، عميت يفراح، قراءة دقيقة للوضع في مستوطنات الشمال، مركزًا على التحديات المرتبطة بعملية إعادة الإعمار.

وأبرزت صحيفة معاريف تصريحاته التي أوضح فيها أن كل مستوطنة تواجه تحديات خاصة بها. ففي حين تسعى بعض المستوطنات إلى جذب العائلات الشابة لإنعاش الحياة المجتمعية، تعاني مستوطنات أخرى من دمار واسع طال البنية التحتية والمساكن بسبب القصف الصاروخي لحزب الله، مما يتطلب جهودًا شاملة لإعادة الإعمار.

أشار يفراح إلى أن المستوطنات القريبة من الحدود، مثل أفيفيم، مرغليوت، دوفيف، شتولا، وزرعيت، كانت الأكثر تضررًا، وقال: لكي نعيد المستوطنين، يجب أولًا استعادة الحد الأدنى من الحياة الطبيعية، التي تضمن بيئة آمنة للعيش. وأوضح أن استمرار حالة عدم اليقين بشأن وقف إطلاق النار يؤخر بدء الأعمال.

وأشار إلى أن الأوضاع الصعبة في هذه المستوطنات لم تبدأ مع الأحداث الأخيرة بل تعود إلى ما قبلها، حيث تعاني من تدهور في البنية التحتية والخدمات العامة وفرص العمل والتعليم. وأكد أن عملية إعادة الإعمار تنطلق من نقطة ضعف كبيرة مقارنة بمستوطنات الجنوب، التي حظيت بدعم حكومي أكبر.

وأوضح يفراح أنه عقب أحداث 7 أكتوبر 2023، أُنشئت هيئة مستقلة لإعادة إعمار مستوطنات الجنوب، مزودة بميزانيات وكوادر متخصصة. في المقابل، يفتقر المسؤول عن إعادة إعمار الشمال إلى الصلاحيات والموارد، مما يؤدي إلى تأخر العملية نتيجة التعقيدات البيروقراطية.

كما أعرب عن مخاوفه من أن تفشل الحكومة في الوفاء بالتزاماتها تجاه سكان الشمال، مشيرًا إلى أن الموارد المخصصة غير كافية وأن التحديات تمتد من إعادة تأهيل البنية التحتية إلى استقطاب سكان جدد وبناء مجتمع مستقر يتمتع بخدمات متكاملة.

واختتم يفراح بالتأكيد على أن إعادة إعمار الشمال ليست مجرد قضية محلية، بل مسألة وطنية تستدعي استثمارًا استراتيجيًا لضمان استدامة الحياة في المنطقة.

اذا مع استمرار التصعيد وتزايد الضغوط على الجبهات المختلفة، يتفاقم الشعور بالتهديد الوجودي داخل الكيان، مما يدفع المستوطنين إلى البحث عن مناطق أكثر استقرارًا، بعيدًا عن خطوط المواجهة. وفي ظل غياب استراتيجية واضحة لإعادة الإعمار وضمان الحماية، تصبح فكرة العودة إلى الشمال أشبه بالمستحيل، ما يهدد بتحويل هذه المناطق إلى فراغ سكاني يضع الاحتلال أمام تحديات استراتيجية غير مسبوقة.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen