10 كانون الثاني , 2025

التوغل والتجريف الإسرائيلي في سوريا.. تصعيد جديد يعمّق أزمات المنطقة

يتابع الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته على الأراضي السورية، فيما زاد من عديد وعتاد قواته المتمركزة في مبنى المحافظة في مدينة البعث مركز محافظة القنيطرة، الذي يبدو أنه تحوّل إلى قاعدة لقيادات جيش العدو، المنتشر ضمن ما تسمّيه تل أبيب المنطقة العازلة، في إشارة إلى مجموع الأراضي التي احتلتها منذ سقوط النظام السوري، والتي تقدر مساحتها بمئة وستة وثمانين ألف كيلومتر مربع.

في مشهد يتكرر دون رادع، يواصل الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته على الأراضي السورية، مستهدفًا مواقع مختلفة في تصعيد جديد يعكس تماديه في انتهاك السيادة السورية والقوانين الدولية. هذه الهجمات التي تأتي وسط أزمات متشابكة تعيشها المنطقة، تزيد من تعقيد المشهد وتضع العالم أمام تساؤلات كبيرة حول تداعيات هذا التصعيد على الأمن الإقليمي.

وفيما تواصل سوريا محاولاتها للصمود أمام هذه الهجمات المتكررة، يبقى السؤال مطروحًا: إلى متى سيظل الاحتلال الإسرائيلي يتحدى الشرعية الدولية دون محاسبة؟ وهل سيشهد هذا التصعيد ردة فعل تضع حدًا لهذه الانتهاكات المستمرة؟

الإجابة هي لا، ففيما كانت التحركات الإسرائيلية المسجّلة منذ أول من أمس، قد وصلت إلى عمق يزيد على 8 كيلومترات داخل أراضي محافظة القنيطرة، تشير مصادر عشائرية إلى أن حراك إدارة العمليات العسكرية في المنطقة لا يُعنى نهائياً بملف التوغل الإسرائيلي.

لا بل إن وزير الداخلية في الحكومة السورية المؤقتة محمد عبد الرحمن الذي تجوّل أول من أمس في مدينة البعث ودخل مقر قيادة شرطة المحافظة ليتفقد ما سمّاه سير العمل، رفض لقاء وفدٍ من وجهاء ممثلي القرى في القنيطرة لدى زيارتهم له، بمجرد أن عرف أن موضوع اللقاء هو التوغّل الإسرائيلي، قائلاً إن هناك ما هو أهم بالنسبة إلى الحكومة، وهو فرض الأمن والاستقرار في الأراضي السورية، علماً أن زيارة الوفد جرت بالتزامن مع تقدّم إسرائيلي في المنطقة.

وتُرجم الأهم بالنسبة إلى الإدارة ميدانياً، من خلال الحملة الأمنية التي أطلقتها في محافظة القنيطرة لملاحقة من تسمّيهم فلول النظام، وفقاً لتصريحات إعلامية أطلقها حذيفة أصيل، وهو مسؤول أمني في الإدارة، الأمر الذي يراه البعض بمثابة محاولة لتأمين إسرائيل من أيّ تهديد من داخل الأراضي السورية، نظراً إلى أن هدف العملية الأمنية الذي أعلنه أصيل يتساوق مع الأهداف التي تعلنها إسرائيل من التوغل في الأراضي السورية وإسقاط اتفاق فض الاشتباك المعمول به منذ عام 1974.

وفي السياق تقول مصادر أهلية من المدينة إن قوات الاحتلال نقلت المزيد من الآليات العسكرية المصفحة والدبابات إلى المبنى القريب من بلدة الحميدية، والذي يعدّ واحداً من أكبر النقاط التي تنتشر فيها، في الوقت الذي واصلت فيه أمس ، عمليات تجريف الأراضي الزراعية في الريف الجنوبي للقنيطرة، حيث دمرت مساحة تقدر بنحو 50 دونماً من الأراضي المزروعة بالزيتون في بلدة كودنا، فضلاً عن تدمير مقارّ كانت تستخدم من قبل الجيش السوري كنقاط متقدمة.

وانسحبت عمليات التجريف على نقاط في شمال قرى حيران والعشة والرفيد وأبو غارة، حيث قالت مصادر محلية من أبو غارة، إن عدداً من سكان القرية تلقوا اتصالات هاتفية من عناصر في جيش الاحتلال يتكلمون العربية، حذّرتهم من الاعتراض على عمليات التجريف تحت طائلة الاستهداف المباشر لأي شخص يحاول منع الآليات العسكرية التابعة للعدو من إتمام عملها، الأمر الذي أجبر السكان على الاكتفاء بالمراقبة من دون أيّ رد فعل، علماً أن تلك العمليات تمّت على مسافة تقل عن 300 متر من نقطة لقوة حفظ السلام الأممية يوندوف من دون أن تحرّك الأخيرة ساكناً.

مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، يبقى المشهد الإقليمي رهينًا لمعادلات القوة وانتهاك السيادة دون محاسبة. وبينما تواصل سوريا صمودها في وجه هذه التحديات، يتزايد الضغط الدولي لوضع حد لهذه الانتهاكات التي تهدد أمن المنطقة واستقرارها.

ويبقى الأمل معقودًا على إرادة الشعوب والدبلوماسية الفاعلة لإيقاف هذا التصعيد المستمر، وإيجاد حلول تنهي دوامة العنف التي يدفع ثمنها الأبرياء، وتعيد للمنطقة توازنها المفقود.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen