الشيخ نعيم قاسم: استراتيجيات المقاومة أمام تحديات المرحلة الجديدة
في زمن التحولات الكبرى، حيث تُكتب معادلات القوة بدماء الشهداء وصمود الأحرار، يأتي خطاب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم ليشكل خارطة طريق لمواجهة المشروع الصهيوني. بكلمات تختزل الرؤية والموقف، يؤكد فيها أن زمن الاستكانة انتهى، وأن المقاومة بثوابتها وتضحياتها تفرض معادلة جديدة في معركة التحرر والكرامة.
في زمن تتكالب فيه المشاريع الاستعمارية لإعادة رسم خرائط الهيمنة على المنطقة وتُحاك المؤامرات لإسكات صوت الحق وإطفاء شعلة المقاومة، يبرز خطاب امين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم كوثيقة استراتيجية تعيد تعريف مفهوم الصمود والانتصار. لم يكن هذا الخطاب مجرد كلمات تُلقى في فضاء السياسة، بل رؤية شاملة تتشابك فيها التضحيات مع الثوابت، وتتلاقى فيها المقاومة كحركة محلية وإقليمية مع ديناميكيات المشهد العالمي.
خطاب الشيخ نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، يمثل خارطة طريق للمقاومة الاسلامية في مواجهة العدوان الإسرائيلي، ورؤية متكاملة للأوضاع الإقليمية، وخاصة ما يتعلق بتطورات الملف السوري وواقع المواجهة مع المشروع التوسعي الإسرائيلي. هذا الخطاب يجمع بين الواقعية السياسية، الإصرار على المبادئ، والمرونة في التكيف مع الظروف المتغيرة، مما يجعله وثيقة بالغة الأهمية لفهم المرحلة المقبلة.
ركز فيه الشيخ قاسم على أن المقاومة ليست حالة مؤقتة بل مشروع مستمر، يتكيف مع الظروف مؤكدا ان المقاومة تمكنت من إفشال أهداف الاحتلال الإسرائيلي رغم التضحيات الكبرى، من خلال ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة. هذا الربط الاستراتيجي بين مختلف مكونات الصمود اللبناني يُظهر قدرة المقاومة على الاستفادة من كل أدواتها لتحقيق أهدافها، حتى في ظل الهجمات المتكررة.
اعتبر الشيخ قاسم أن التضحيات ليست خسارة، بل ثمن طبيعي لاستمرار المقاومة. هذا الإطار الفلسفي يعزز شرعية المقاومة داخليًا وخارجيًا، ويؤكد أن الهدف الأساسي ليس الربح السريع، بل البقاء كقوة ردع وحماية للبنان والمنطقة.
بيّن الخطاب أن العدوان الإسرائيلي الأخير لم يكن مرتبطًا مباشرة بإسناد غزة، بل يُمثّل جزءًا من المشروع التوسعي الإسرائيلي الذي يسعى لإلغاء أي مقاومة تواجهه على مستوى المنطقة بأسرها وان الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه، سواء من خلال القضاء على المقاومة أو إعادة تشكيل الواقع السياسي والعسكري في لبنان حيث أُجبر العدو على قبول اتفاق وقف إطلاق النار نتيجة صمود المقاومين ودماء الشهداء، وهو ما يعكس توازنًا جديدًا في المعركة.
تناول الخطاب التطورات في سوريا برؤية واقعية، مشيرًا إلى أن الحكم على النظام الجديد لا يمكن أن يتم قبل استقراره. ورغم خسارة طريق الإمداد العسكري عبر سوريا، أشار الشيخ قاسم إلى إمكانية البحث عن بدائل. هذا يعكس مرونة المقاومة وقدرتها على التكيف مع أي تغييرات إقليمية.
أكد الشيخ قاسم أن دعم حزب الله لسوريا كان دائمًا مبنيًا على موقعها كداعم للمقاومة ومعادٍ لإسرائيل. لذا، فإن أي تغيير في سوريا سيُقيَّم وفق علاقته بالمقاومة وموقفه من الكيان الصهيوني.
الخطاب لم يقتصر على لبنان، بل أشار إلى أن المقاومة تمتد إلى فلسطين وسوريا وكل المنطقة. هذا الطرح يعزز فكرة أن حزب الله ليس مجرد قوة محلية، بل جزء من محور إقليمي يسعى لمواجهة المشروع التوسعي الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا.
اعتبر الشيخ قاسم أن الانتصار الحقيقي هو بقاء المقاومة وصمودها، وأن استمرارها هو ما يضمن إفشال أهداف الاحتلال. هذا التعريف للانتصار يختلف عن المفهوم التقليدي القائم على الإنجاز العسكري الحاسم، ويؤكد أن المعركة مع الاحتلال طويلة الأمد، تحتاج إلى نفسٍ طويل وإيمان قوي بالقضية.
خطاب الشيخ نعيم قاسم اذا يُظهر أن حزب الله لا يزال يحتفظ بزخم استراتيجي كبير، رغم الضغوط والخسائر. وان المرحلة المقبلة ستتسم بالتوازن بين الحفاظ على قوة المقاومة، تعزيز البناء الداخلي في لبنان، ومواكبة التحولات الإقليمية بحذر ومرونة.