14 كانون الاول , 2024

سوريا تحت النار: تدمير ممنهج وتصعيد شامل لإضعاف قدرات سوريا الاستراتيجية

يشهد العدوان الإسرائيلي على سوريا تصعيدًا خطيرًا يعكس استراتيجية ممنهجة تهدف إلى تدمير مقومات القوة السورية وإضعاف دورها الإقليمي. الغارات التي طالت مواقع في دمشق وريفها، وصولًا إلى ريف طرطوس واللاذقية والسويداء ودرعا، ليست مجرد عمليات عسكرية عابرة، بل جزء من خطة مدروسة لضرب البنية التحتية العسكرية وشلّ القدرات الدفاعية للجيش السوري.

وسط تصعيد غير مسبوق، يواصل الاحتلال الإسرائيلي استهداف سوريا عبر غارات جوية مركزة تطال أبرز مواقعها العسكرية والاستراتيجية، في مشهد يعكس خطة ممنهجة تهدف إلى تقويض ركائز قوتها الوطنية وشل قدراتها الدفاعية. في خضم هذا العدوان، تتحرك آلة الحرب الإسرائيلية بوحشية مدروسة، لتدمر الطائرات والمطارات، وتستهدف أنظمة الدفاع الجوي ومخازن الأسلحة الحيوية، في خطوة تعكس استراتيجية بعيدة المدى لإضعاف سوريا وفرض وقائع ميدانية جديدة حيث ان ما يجري على الأرض ليس مجرد تصعيد عسكري عابر، بل حرب استنزاف تستهدف عمق الدولة السورية، وسط صمت دولي وتواطؤ إقليمي يتيح للعدو المضي قدمًا في مشروعه التوسعي دون رادع.

في العاصمة دمشق، استهدفت الغارات الإسرائيلية مناطق جبل قاسيون ودوما وبرزة، إضافة إلى الفوج 16 في العتيبة بالغوطة الشرقية، وهو من أبرز المواقع الدفاعية. كما استهدفت مواقع عسكرية في محيط جبل الأربعين، مستودعات أسلحة في اللاذقية، ومطار خلخلة في السويداء، إلى جانب معامل الدفاع ومراكز البحوث العلمية في مصياف بريف حماة. وقد تكبدت سوريا خسائر كبيرة في منظوماتها الدفاعية، حيث دُمرت بطاريات صواريخ "أرض – جو"، ومخزونها من الصواريخ الباليستية، بما فيها "سكود" و"كروز"، إلى جانب عشرات الطائرات الحربية والمروحيات، مما يشير إلى نية واضحة للقضاء على القدرات الاستراتيجية للدولة السورية.

تزامن هذا التصعيد مع تغييرات داخلية في سوريا، حيث استغلت إسرائيل حالة التوتر السياسي والعسكري لتعزيز وجودها في الجولان السوري المحتل وتوسيع المنطقة العازلة، وسط حديث عن تراجع الالتزام الإسرائيلي باتفاقية فض الاشتباك لعام 1974. وبهذا، يُطرح تساؤل محوري: هل هناك من يمنع الاحتلال الإسرائيلي من التمدد نحو دمشق في ظل الانشغال الداخلي السوري؟

ما يجري في سوريا يُظهر بوضوح أن المستفيد الأول من هذه الضربات هو إسرائيل، التي تسعى لضرب أي عنصر قوة قد يشكّل تهديدًا مستقبليًا لها. من ناحية أخرى، تدعم هذه العمليات المخططات الأميركية في المنطقة، التي تهدف إلى ترسيخ مشروع "إسرائيل الكبرى" ضمن إطار التحالف الإسرائيلي-الأميركي.

هذا العدوان الممنهج يطرح تحديات كبيرة تتجاوز سوريا لتشمل المنطقة بأكملها. وفي هذا السياق، يؤكد الخبراء أن المقاومة، سواء في لبنان أو سوريا أو أي مكان آخر، تبقى الحصن الأخير أمام هذه المخططات. فكما قال أحد الخبراء الاستراتيجيين: "لولا وجود سلاح المقاومة في لبنان، لكانت إسرائيل قد أكملت مخططها منذ العام 2011، مستغلة الفوضى التي أحدثها ما يسمى بالربيع العربي".

أمام هذا المشهد، يتضح أن الهجمة الإسرائيلية ليست مجرد عدوان عسكري، بل جزء من خطة أوسع لإعادة رسم موازين القوى في المنطقة. ومع كل هذا، تبقى المقاومة، بتضحياتها وقدراتها، صمام الأمان الذي يحول دون تحقيق إسرائيل لطموحاتها التوسعية، ويعيد الأمل بإمكانية التصدي لهذه المشاريع رغم التحديات الجسيمة.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen