01 كانون الاول , 2024

التطوّرات الإستراتيجيّة في الشّرق الأوسط وتحدّيات المُقاومة

الفشل الأمريكي الصهيوني في غزة ولبنان ينقل المعركة نحو زعزعة الاستقرار في سوريا عبر استخدام ورقة التنظيمات الإرهابية.

منذ سنوات طويلة، ظل لبنان مركزاً استراتيجياً في التخطيط الأمريكي والصهيوني، المحور الذي تنطلق منه المشاريع الكبرى للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط.

فهذه المنطقة لا تمثل أهمية جيوسياسية واقتصادية فحسب، بل هي أيضاً موطنٌ لحركات مقاومة قوية، لا تقبل التسليم بالأجندات الغربية.

لبنان، الذي كان يُخطط له ليكون نقطة ضعف في معادلة الصراع، أصبح اليوم رأس حربة لجبهة المقاومة ضد الهيمنة.

وبعد الانتصار التاريخي الذي حققته المقاومة اللبنانية في العام 2006، بدأ الجهد الأمريكي - الصهيوني في محاولة القضاء على هذا العامل المزعج لمخططاته.

وفي السياق ذاته، يكشف المسؤولون الإسرائيليون، كما هو الحال مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، عن أهدافهم بشكل متكرر، كما حدث حين صرّح: "اليوم غزة وغداً لبنان".

تصريحات نتنياهو هذه تزامنت مع تصعيد الحملة العسكرية ضد حزب الله، والتي وصلت ذروتها مع مجزرة البيجر في سبتمبر 2024، حيث كان المخطط يرمي إلى القضاء على عناصر المقاومة الإسلامية.

وعلى الرغم من هذه الجهود، أثبتت المقاومة في غزة ولبنان قدرتها على إفشال المخطط الأمريكي - الصهيوني، فلم تستطع واشنطن وتل أبيب تحقيق أهدافهما في القضاء على حركة حماس، بل على العكس، كانت الجرائم الوحشية في غزة تندرج في إطار محاولات تهجير وتدمير لم تقتصر على القطاع فحسب، بل حاولت نقلها إلى لبنان، لكن المقاومة هناك أيضاً كانت بالمرصاد.

ورغم الضغوط الكبيرة، اضطرت إسرائيل إلى وقف إطلاق النار خوفاً من المزيد من الخسائر العسكرية والاقتصادية.

بعد فشل المخطط في غزة ولبنان، انتقل الصهاينة إلى المرحلة التالية من استراتيجيتهم عبر محاولة زعزعة استقرار سورية، مستخدمين الأدوات التكفيرية التي كانت قد أُعدّت تحت إشراف أمريكي.

الهدف المعلن كان القضاء على طرق تهريب السلاح من إيران إلى حركات المقاومة في لبنان وفلسطين، ولكن بحسب المراقبين، الهدف الأوسع كان يتمثل في قطع التواصل بين المحور وبالتالي عزل لبنان وفلسطين.

تزامن هذا التصعيد مع نشاطات عسكرية مكثفة في سورية، حيث دعت الولايات المتحدة إلى تحركات تهدف إلى تقويض النظام السوري، وهو ما يراه البعض مقدمة لحرب إقليمية شاملة.

في هذا السياق، يشير المراقبون إلى الدور الروسي الداعم للجيش السوري في حربه ضد الجماعات التكفيرية في الشمال السوري، مما يشير إلى أن أي تصعيد في سورية قد يؤدي إلى انفجار الوضع الإقليمي، ويأخذ المنطقة إلى مسار تصادمي قد لا يمكن التنبؤ بعواقبه، لا سيما مع تصاعد التوترات في الحرب الروسية - الأوكرانية.

في الختام، تشكل هذه التطورات الإقليمية جبهة خطرة قد تشعل شرارة حرب إقليمية واسعة، فيما يواصل اللاعبون الدوليون تحريك قطع الشطرنج في منطقةٍ تشهد توتراً غير مسبوق.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen