20 تشرين ثاني , 2023

الساسة الصهاينة يبتعدون عن السرب: أهدافنا غير مضمونة والمطلوب توجيه أميركي

يقارب المسؤولون والخبراء الإسرائيليون الحرب على غزة انطلاقاً من تقدير واقتناع بأن نتائجها وتداعياتها ستُبلور نمط وجودهم، وفي أقلّ التقديرات، ستشكّل هذه الحرب محطّة تأسيسية في تحديد مصير الكيان في المنطقة، وفق ما يشي به موقف أكثر من مسؤول إسرائيلي أيضاً

تتفاوت مقاربات الساسة الصهاينة في العمق والموضوعية والأبعاد التي يتمّ تناولها في كلّ منها، وذلك بحسب موقع كلّ من أولئك المسؤولين، وما يتمتّع به من فكر استراتيجي. ولعلّ من أبرز القيادات التي تناولت الأبعاد المشار إليها، رئيس وزراء العدوّ الأسبق، إيهود باراك، في مقالة له في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ورأى أن الحرب تدور في ظلّ أربعة قيود، هي: تحرير الأسرى والمحتجزين، ردع حزب الله وإيران، الحفاظ على الشرعية للعمل لزمن طويل، ومسألة اليوم التالي، أي أمن غلاف غزة، وماذا سيحصل وكيف لكي يتمكّن سكان الشمال من العودة إلى بيوتهم»، منبّهاً إلى أن مستوى تأثير كلّ من هذه القيود، يمكن أن يوصل إلى «إحباط قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها»، انطلاقاً ممّا يمكن أن يدفع إليه من خيارات عملياتية.

وفي الموازاة، رأى باراك أن المحافظة على «شرعيّة» الحرب تشكّل تحدّياً إضافياً أمام القيادة الإسرائيلية، وخصوصاً أن مواصلة ارتكاب المجازر والوقت الطويل الذي تحتاج إليه العمليات، قد يؤدّيان إلى تحوّلات في الرأي العام الدولي، مع إمكانية أن يؤثّر ذلك على القرار الأميركي أيضاً.

وفي تقدير متّصل، رأى باراك أن فقدان جزء من الأسرى واتّساع القتال في الشمال وربّما أيضاً في الضفة، وإمكانية نشوب حرب استنزاف لعدّة سنوات، مع أثمان عسكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية جسيمة للغاية، هو سيناريو ينطوي على درجة احتمال حقيقية.

ومع ذلك، فإن ساحات «محور المقاومة» لم ترتدع عن خيار نصرة المقاومة في قطاع غزة، من دون أن تقع في الوقت نفسه في الفخّ الإسرائيلي المتمثّل في الدفع نحو حرب كبرى بمشاركة أميركية وأطلسية، باعتبار الظروف الحالية فرصة تاريخية قد لا تتكرّر. ولكن، من الواضح أن العدو يخشى من ارتقاء إضافي في مسار الضربات إلى سقوف أعلى؛ ولذا، تتوالى التهديدات والرسائل على ألسنة كبار المسؤولين في اتجاه «حزب الله» ولبنان، إلا أنها لم تحقّق النتائج المرجوّة منها إلى الآن. وبالنتيجة، يؤشّر كلّ ما تقدّم إلى حجم التعقيدات التي تتّسم بها هذه الحرب، والمخاطر التي تنطوي عليها، وكونها مفتوحة على أكثر من متغيّر قد يدفع بها في هذا الاتجاه أو ذاك.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen