الضربات اليمنية والاقتصاد الصهيوني: رضوخ تل ابيب امر حتمي
تُواصل العمليات اليمنية إحداث تصعيد نوعي في المعادلة الإقليمية، عبر ضرباتها المتكررة التي أصابت عصب الاقتصاد الصهيوني، متسببة في انهيارات متلاحقة بمؤشرات التجارة والبنية التحتية والاستثمار، ما يطرح تساؤلات جدية حول إمكانية إجبار الاحتلال على التفاوض دون شروط تحت وطأة هذا الاستنزاف المتصاعد.
بعد مرور أكثر من ستمائة وسبعين يوماً على الحرب والحصار المفروض على قطاع غزة، تتعمق آثار العمليات اليمنية البحرية والجوية على كيان الاحتلال، محدثة تصدعات اقتصادية غير مسبوقة، بدأت تهدد بنيته العميقة وتدفعه نحو خيارات صعبة قد يكون من ضمنها الجلوس إلى طاولة التفاوض دون شروط
تشير التقارير إلى انكماش اقتصادي حاد داخل كيان العدو، حيث انخفض الاستهلاك المحلي بنسبة تجاوزت سبعة وعشرين في المئة، وانخفضت الواردات بنسبة اثنين وأربعين في المئة، بينما تراجعت الصادرات بنسبة ثمانية عشر في المئة، نتيجة تعطل سلاسل التوريد وارتفاع تكاليف الشحن. كما خفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقديراتها لنمو الاقتصاد الصهيوني من أربعة فاصلة خمسة في المئة إلى ثلاثة فاصلة ثلاثة في المئة.
قطاع الأعمال يعيش حالة نزيف، إذ أغلقت ستة وأربعون ألف شركة أبوابها بين أكتوبر ألفين وثلاثة وعشرين ويوليو ألفين وأربعة وعشرين، معظمها في قطاعات البناء والخدمات والصناعة. وبلغت الأزمة ذروتها بإفلاس ميناء أم الرشراش وتوقف ميناء حيفا جزئياً، ما شلّ التجارة البحرية والسياحة الجنوبية.
في قطاع التكنولوجيا، توقفت شركات صينية عملاقة مثل كوسكو وأو أو سي إل عن الشحن نحو الموانئ المحتلة، مما عطّل عمليات شركات كبرى مثل إنتل ونفيديا. كما غادرت نحو ألف وسبعمائة مليونير الأراضي المحتلة منذ بدء عملية طوفان الأقصى، في وقت ارتفعت فيه طلبات الهجرة الاستثمارية بنسبة تجاوزت مئتين واثنين وثلاثين في المئة.
شركات عالمية انسحبت، من بينها سامسونج نيكست، بينما خفّض صندوق النرويج السيادي استثماراته بمبلغ تسعة وستين مليون دولار، وانخفض الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة ثلاثين في المئة خلال الربع الأخير من العام ألفين وأربعة وعشرين.
السياحة أيضاً تنهار، بتراجع تجاوز سبعين في المئة، بعد توقف شركات طيران عالمية مثل بريتش إيرويز وإيزي جِت عن تسيير رحلات إلى مطار اللّد، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة فاقت الثلاثمائة في المئة، في ظل فقدان الثقة الائتمانية، وتزايد السخط الشعبي في أوروبا والولايات المتحدة، ما تسبب في سحب استثمارات من جامعات وصناديق سيادية.
في ظل هذه المؤشرات، يبقى السؤال: هل تدفع العمليات اليمنية، بالتكامل مع المقاومة الفلسطينية، كيان العدو إلى الانصياع لحل سياسي دون شروط؟ أم أن المشهد يتجه نحو مزيد من الانهيار والانفجار؟