06 كانون الاول , 2024

السيد القائد ورؤية المواجهة الشاملة: استراتيجية بناء أمة تقاوم الهيمنة

في خضم المشهد المأساوي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، تتجلى كلمات السيد القائد عبد الملك بدر الدين كصرخة وعي وإرادة مواجهة شاملة، من قلب المعركة ينطلق السيد القائد برؤية تحفز المقاومة وتعزز صمود الشعوب، مؤكدًا أن النصر لا يُولد إلا من رحم المعاناة والتكاتف.

إنها ليست مجرد خطابات، بل خارطة طريق لرؤية استراتيجية تمزج بين الوعي الديني، السياسي، والعسكري، لإعادة تمكين الأمة الإسلامية من استعادة دورها الريادي

 السيد القائد، بجرأته وصراحته، يكشف عن مآسي العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة، مشددًا على ضرورة الارتقاء بالمسؤولية الأخلاقية والدينية للأمة لمواجهة التحالف الصهيو-أمريكي الذي يسعى إلى تمزيق الشعوب وتصفية القضية الفلسطينية حيث حمل السيد القائد، عبد الملك بدر الدين الحوثي، رسائل استراتيجية تتجاوز البعد السياسي إلى أفق أعمق يمس جذور الصراع الحضاري والديني مع الكيان الصهيوني ومنظومته العالمية الداعمة. تناول فيها بوضوح الجوانب العسكرية، الفكرية، الإنسانية، والأخلاقية لهذه المعركة راسماً ملامح جديدة لمشروع المقاومة الذي يسعى إلى تغيير قواعد الاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي ورعاته.

ركز السيد القائد على طبيعة الجرائم الإسرائيلية في غزة، التي وصفها بأنها غير مسبوقة من حيث الوحشية والاستخدام الممنهج للأسلحة المحرمة دولياً. هذه الجرائم لا يمكن فصلها عن الدعم الأمريكي المباشر، سواء عبر تزويد إسرائيل بالأسلحة الجديدة أو عبر توفير الغطاء السياسي لها في المحافل الدولية. السيد القائد هنا لا يتحدث فقط عن الإدانة، بل يسلط الضوء على البنية الفكرية والأيديولوجية التي تقود هذا التحالف الإسرائيلي-الأمريكي، باعتباره نموذجاً للإبادة الجماعية التي تُدار بأسلوب "التجريب العلمي" على الشعوب المستضعفة.

أشار السيد القائد إلى الجرائم الإسرائيلية في الضفة الغربية، خصوصاً تدمير المساجد وتمزيق القرآن الكريم، كجزء من حرب أعمق تهدف إلى تفكيك الهوية الإسلامية للشعوب المحتلة. هذا الاستهداف الثقافي والديني ليس مجرد أداة قمع، بل هو محاولة منهجية لطمس القيم التي تشكل الرافعة الحضارية للمقاومة. السيد القائد يرى أن الصراع مع إسرائيل يتجاوز كونه نزاعاً على الأرض، ليصبح معركة وجودية تدور حول بقاء هوية الأمة في مواجهة مشاريع "التهويد" و"العولمة الثقافية" التي تُستخدم كأدوات للقضاء على الخصوصية الإسلامية

وفي قراءته لدور الولايات المتحدة، يتبنى السيد القائد تحليلاً عميقاً يربط السياسات الأمريكية تجاه فلسطين بمشروع استعماري عالمي أوسع. هذا المشروع لا يقتصر على دعم إسرائيل، بل يشمل إعادة تشكيل خريطة المنطقة بما يتوافق مع مصالح النخبة الحاكمة في واشنطن وتل أبيب. التصريحات الأمريكية التي أشار إليها السيد القائد، مثل تهديدات دونالد ترامب بتحويل غزة إلى "جحيم"، تكشف وفق رؤيته عن طبيعة النظام الأمريكي ككيان استعلائي يسعى لفرض هيمنته عبر العنف والإبادة.

السيد القائد هنا يُبرز دور المقاومة ليس فقط كفصيل يقاتل الاحتلال، بل كمشروع سياسي وأخلاقي يهدف إلى فضح هذا النظام العالمي وإعادة بناء تحالفات جديدة تقوم على استقلالية القرار الإسلامي.

أثنى السيد القائد على العمليات النوعية التي ينفذها محور المقاومة، مشيداً بالتكامل بين الجبهات المختلفة في اليمن، العراق، ولبنان. هنا، يضع السيد القائد رؤية استراتيجية للمقاومة تقوم على وحدة الهدف وتنسيق الجهود، ما يعزز من قدرتها على ضرب مراكز الثقل الإسرائيلي والأمريكي في آن واحد. العمليات اليمنية ضد السفن الأمريكية في البحر الأحمر، كما وصفها السيد القائد، ليست فقط رداً على العدوان، بل رسالة واضحة بأن قواعد الاشتباك لم تعد تُدار من تل أبيب وواشنطن وحدهما.

انتقاد السيد القائد للأنظمة العربية والإسلامية لم يأتِ فقط كإدانة سياسية، بل كتشخيص لأزمة أعمق تتعلق بفقدان الإرادة السياسية والرؤية الاستراتيجية. هذه الأنظمة، بحسب السيد القائد، أصبحت رهينة للمصالح الأمريكية والإسرائيلية، وهو ما يفسر مواقفها المائعة تجاه جرائم الاحتلال. اللافت هنا هو مقارنة السيد القائد بين هذه الأنظمة ودول أمريكا اللاتينية، التي أظهرت دعماً أكبر لفلسطين، ما يُبرز حجم الانفصام بين القيم الإسلامية الحقيقية والممارسات السياسية لبعض الأنظمة.

السيد القائد لا يكتفي بانتقاد الأنظمة، بل يدعو إلى تعبئة شعبية تستعيد القرار من أيدي الحكام وتعيد توجيه طاقة الأمة نحو أهدافها الكبرى.

 ركز السيد القائد على أهمية استنهاض الأمة الإسلامية وتحويل القضية الفلسطينية إلى محور وحدة إسلامية. رؤيته للمقاومة تتجاوز الجانب العسكري لتصبح مشروعاً نهضوياً شاملاً يعيد تعريف العلاقة بين الشعوب الإسلامية وأعدائها. هذه الرؤية، كما يُظهر التحليل، تسعى إلى بناء تحالف إسلامي عابر للحدود، قادر على مواجهة المشاريع الاستعمارية بصيغتها الجديدة.

ليمثل خطاب السيد القائد وثيقة استراتيجية تحمل أبعاداً فكرية وسياسية وعسكرية تتجاوز اللحظة الآنية للمعركة تحليله للواقع يكشف عن إدراك عميق لطبيعة العدو وأهدافه، كما يُبرز رؤية متكاملة للمواجهة تقوم على تنسيق الجهود بين جبهات المقاومة المختلفة، فضلاً عن تعبئة الشعوب الإسلامية لتحقيق تغيير شامل في ميزان القوى.

السيد القائد، في هذا السياق، لا يقدم نفسه كقائد محلي فقط، بل كصوت عالمي للمقاومة، يسعى إلى إعادة تعريف مفاهيم الصراع على أسس أخلاقية وحضارية تُعزز من قدرة الأمة الإسلامية على مواجهة أعدائها واستعادة دورها الريادي في العالم.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen