كيف غيّر اليمن شكل الصّراع مع إسرائيل؟
يعتبر تدخل اليمن في الحرب إلى جانب غزة تجسيداً حقيقيا لمفهوم وحدة الساحات الذي يعني إشغال العدو على جبهات متعددة حتى تحقيق النصر.
في 25 مارس 2015 شنت قوات التحالف العربي حرباً شعواء على اليمن واستمرت هذه الحرب لحوالي 8 سنوات متتالية راح ضحيتها أكثر من 377 ألف شخص بحسب الأمم المتحدة. كما تشير الإحصائيات الاقتصادية إلى تضرر الاقتصاد اليمني بنحو 200 مليار دولار، كل هذا ناهيك عن أزمات النزوح الداخلي وانتشار الأمراض والتدمير الكامل للبنى التحتية. كل هذا لم يمنع هذا البلد العربي الأصيل من الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وذلك لإن الشعب اليمني وقيادته يتشاركون قضية الظلم والتدمير والإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.
قبل ثلاثة أسابيع من اليوم أعلنت الحكومة اليمنية عبر المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة اليمنية، الدخول في الحرب ضد إسرائيل بشكل رسمي وعلني. من الناحية العسكرية والجيوسياسية يعتبر تدخل اليمني الرسمي في الحرب نقطة تحول هامة للغاية، إذ أن هذا التدخل أظهر عجز الدول العربية أو عدم رغبتها في تقديم المساعدة الحقيقية للشعب الفلسطيني. .
بدأ اليمن حربه ضد إسرائيل عبر إطلاق الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة الموجهة بشكل دقيق. وكان على صواريخ أنصار الله أن تقطع أكثر من 1600 كيلومتر لتصل إلى الأراضي المحتلة. كما عمل الجيش اليمني على تفادي المضادات الجوية المصرية والسعودية عبر المرور عبر البحر الأحمر ومن ثم اجتياز خليج العقبة. وبالفعل فقد تسببت هذه الهجمات بخسائر بشرية ومادية كبيرة في “إيلات” الإسرائيلية.
يدرك العالم أجمع والولايات المتحدة على وجه الخصوص أهمية مضيق باب المندب ومياه البحر الأحمر للتجارة العالمية حيث يمر عبر هذا الممر المائي حوالي 6.2 مليون برميل من النفط الخام يومياً إضافة إلى حوالي 30% من التجارة العالمية للغاز التطبيعي تمر عبر هذا المضيق ناهيك عن 10 % من إجمالي التجارة العالمية.
ويعتبر تدخل اليمن في الحرب إلى جانب غزة تجسيداً حقيقيا لمفهوم وحدة الساحات الذي يعني إشغال العدو على جبهات متعددة وهو تطبيق عملي للرسالة التي أرسلها قائد فيلق القدس الجنرال إسماعيل قاآني إلى قادة المقاومة الفلسطينية التي أكد فيها بأن المقاومة الفلسطينية أظهرت للعالم أجمع بأنّ إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت كما أكد التزام محور المقاومة وقادته بمنع العدو من الوصول إلى أهدافه القذرة كما أن محور المقاومة سوف يقوم بما يلزم في هذه المعركة التاريخية.
فعلى الصعيد الإقليمي، أثبت تدخل أنصار الله في الحرب موقفهم العروبي والإسلامي الثابت تجاه القضية الفلسطينية وما نلاحظه اليوم بأنّ الفئات الشعبية العربية أيدوا الخطوة اليمنية وأثنوا عليها. كما تحدثت بعض التقارير الإعلامية عن قرب توقيع اتفاق مصالحة بين الفرقاء اليمنيين وهذا كله إن دل على شيء فهو يدل على أنه على الرغم من كل المؤامرات والفتن التي زرعتها الولايات المتحدة في المنطقة ها هو اليمن اليوم يتحول إلى قوة إقليمية وجيوسياسية لا يمكن تجاهلها أبداً.