اليمن... من الدعم الرمزي إلى التأثير الاستراتيجي في معادلة الصراع مع العدو
في مشهد يعيد رسم موازين القوة في المنطقة، لم تعد اليمن مجرد داعم من بعيد، بل تحوّلت إلى رقم صعب في معادلة الصراع مع العدو الصهيوني، من خلال تحركات مدروسة، دمجت صنعاء بين الفعل العسكري والرسالة السياسية، لتصبح عملياتها في البحر والجو جزءًا من استراتيجية ردع إقليمية تتجاوز حدود الجغرافيا.
بينما كانت غزة تواجه عدواناً صهيونيا، برزت اليمن كطرف إقليمي فاعل، لم يكتف بالدعم الرمزي بل تحرك بخطى واثقة لتغيير قواعد الاشتباك. موقف عسكري تحوّل إلى أداة ضغط سياسي، غيّر موازين القوى في المنطقة، وفرض معادلات جديدة على طاولة الصراع.
اليمن، من خلال عملياته العسكرية والتنسيق السياسي، نجح في تحويل موقفه الداعم لغزة إلى قوة إقليمية مؤثرة. تصريحات قادة المقاومة الفلسطينية، كإسماعيل هنية وزياد النخالة، أكدت أن التحرك اليمني كان موجهاً برسائل استراتيجية إلى إسرائيل وحلفائها، واضعاً غزة ضمن جبهة إقليمية متماسكة تمتلك أوراق ردع حقيقية.
هذا الدور ساهم في إعادة تموضع المقاومة ضمن النظام الإقليمي، مانحاً غزة قدرة غير مسبوقة على التأثير في العلاقات العربية والدولية. العمليات اليمنية أربكت الحسابات الإسرائيلية، ليس فقط عسكرياً، بل أيضاً على مستوى الإدارة السياسية للصراع، وهو ما أجبر تل أبيب على إعادة النظر في استراتيجياتها الأمنية تجاه القطاع.
الضربات اليمنية بعيدة المدى، التي أصابت أهدافاً داخل إسرائيل، أعادت تعريف مفهوم الأمن الإسرائيلي، خاصة بعد استهداف خطوط الملاحة الجوية والبحرية. كما أن التنسيق الاستخباراتي بين اليمن وحلفاء المقاومة زاد من فعالية الردع، وأفقد الكيان الصهيوني عنصر المبادرة في كثير من جبهات المواجهة.
اقتصادياً، شكّلت عمليات اليمن ضغطاً مباشراً على الاقتصاد الإسرائيلي، عبر تعطيل الملاحة ورفع تكلفة الحرب. إعلامياً، لعب التنسيق بين أطراف محور المقاومة دوراً حاسماً في كسر الحصار الإعلامي عن غزة، وتعزيز شرعية المقاومة على المستوى الدولي، ما وسّع من دائرة التضامن وكشف زيف السردية الإسرائيلية.
بحسب تقرير لموقع "ميدل إيست آي"، فإن اليمن بات اليوم فاعلًا استراتيجياً محورياً، فرض شروطه على الكيان الصهيوني لوقف عملياته، ونفذ ضربات دقيقة أثّرت على المطارات والمنظومات الدفاعية.
من جبهة محاصَرة إلى قوة إقليمية تُحسب حساباتها... اليمن يعيد رسم خارطة الصراع، ويوسّع هامش المناورة لصالح غزة والمقاومة. ومع كل جولة تصعيد، يبدو أن معادلة الردع لم تعد تُكتب في تل أبيب وحدها.