04 تشرين أول , 2025

مظاهرات غير مسبوقة في إيطاليا رفضًا لموقف ميلوني ودعمًا لغزة

شهدت مدن إيطاليا الكبرى، من روما إلى ميلانو وجنوة ونابولي، مظاهرات حاشدة وإضرابات عامة الجمعة، شارك فيها مئات الآلاف رفضًا لموقف حكومة جورجيا ميلوني المتحفظ إزاء العدوان على غزة، وتنديدًا باعتراض الاحتلال الصهيوني لـ"أسطول الصمود العالمي" الذي كان يحمل مساعدات إنسانية للقطاع المحاصر. التحركات التي شملت إغلاق مطارات وموانئ وطرق رئيسية، جاءت بتنظيم من النقابات العمالية الكبرى، وبدت مؤشراً على تصاعد الغضب الشعبي من سياسة روما الخارجية

في مشهد غير مألوف منذ عقود، تحولت الساحات الإيطالية إلى منابر صاخبة للتضامن مع فلسطين، حيث تدفقت حشود قدرتها النقابات بالملايين، فيما تحدثت الشرطة عن مئات الآلاف، خرجوا في أكثر من مئة مسيرة متزامنة عبر البلاد. الأعلام الفلسطينية غطت الشوارع، والهتافات المطالبة بإنهاء "آلة الحرب" رددها شباب وطلاب وناشطون نقابيون، في تحرك وطني اتسم بالزخم والاتساع.
في العاصمة روما وحدها، قُدّر عدد المشاركين بنحو 80 ألفاً وفق الشرطة، فيما رفع المنظمون الرقم إلى ثلاثمائة ألف. انطلقت المسيرة من محطة القطارات المركزية، ما تسبب بتعطيل واسع لشبكة النقل وإلغاء رحلات قطار رئيسية. وفي ميلانو، أغلق المتظاهرون الطريق الدائري الشرقي، بينما شهدت بولونيا شللاً على الطريق السريع أحد أهم الشرايين التجارية في البلاد. أما في بيزا، فقد اقتحم محتجون مدرج المطار الدولي، ما أدى إلى توقف الحركة الجوية ساعات طويلة
التحركات لم تقتصر على الشوارع، بل امتدت إلى الموانئ، حيث جرى تعطيل حركة الشحن في نابولي وليفورنو، وسط صدامات متقطعة مع الشرطة التي لجأت إلى الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود في أكثر من مدينة
الإضراب العام، الذي دعت إليه نقابات كبرى بقيادة الاتحاد العام للعمال (CGIL)، شكّل مفاجأة سياسية للحكومة اليمينية، إذ أربك مؤسسات النقل العام وأجبر السلطات على توفير حدّ أدنى من الخدمات. رئيس الاتحاد ماوريتسيو لانديني وصف المشاركة بأنها "تاريخية وغير مسبوقة"، مؤكداً أن الغضب الشعبي يعكس رفض الإيطاليين التواطؤ مع الاحتلال الصهيوني واستمرار حصاره لغزة
وجاءت هذه الموجة بعد عودة أربعة نواب إيطاليين، بينهم عضوان في البرلمان الأوروبي، كانوا قد اعتقلوا مؤقتاً من قبل قوات الاحتلال أثناء اعتراض "أسطول الصمود". استقبالهم في مطار فيوميتشينو من قِبل زعيمة المعارضة إيلي شلاين أضفى زخماً إضافياً، حيث أكدت أن الأسطول قام بما كان يجب أن تفعله الحكومات الأوروبية: كسر الحصار وفتح الطريق أمام المساعدات الإنسانية
رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، من جانبها، وصفت المبادرة بأنها "خطيرة وغير مسؤولة"، وهاجمت الإضراب بوصفه "تعطيلاً فوضوياً". لكن هذا الموقف زاد الهوة بينها وبين الرأي العام، خاصة مع تمسكها برفض الاعتراف بدولة فلسطين أو إدانة الاحتلال بشكل مباشر
سياسياً، تكشف هذه التعبئة الشعبية حجم الفجوة بين الشارع الإيطالي وحكومة ميلوني. فبينما تصطف السلطة خلف سياسات الغرب والولايات المتحدة في دعم الكيان الصهيوني، يخرج المواطنون بالملايين ليقولوا كلمتهم: إن فلسطين قضية أخلاقية، وإن الحصار جريمة لا يمكن السكوت عنها
المشهد الإيطالي اليوم يعكس معادلة دقيقة: حكومة متشددة في مواقفها، ومجتمع مدني متنامٍ في احتجاجاته. ومع استمرار الحرب على غزة، يبدو أن المواجهة بين الشارع والسلطة مرشحة للتصاعد، وربما لفرض تغييرات في معادلة السياسة الخارجية الإيطالية تجاه الكيان الغاصب

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen