مصير صفقة غزة على المِحك: بين تعنّت نتنياهو وضغوط ترامب.. ترقّبٌ وحذر
تعيش صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة مرحلة حرجة عقب تعنّت رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، ف"معركة السبت" تلوح في الافق // فهل تقترب الصفقة من نهايتها وأي خيارات مطروحة في هذا السياق؟
ظل غياب الضمانات الأميركية والمراوغة الإسرائيلية في تنفيذ بنود الاتفاق فضلا عن المطالب الإسرائيلية التعجيزية للمرحلة الثانية ، لم يكن قرار المقاومة الفلسطينية تعليق صفقة التبادل خطوة نابعة من لا شيء بل م ذكرناه كان مقدمة لذلك، وما قابل الخطوة من تصريحات لمجنون البيت الأبيض كان بمثابة صب الزيت على النار ، فهو أعطى نتنياهو ضوءاً أخضر غير مباشر للتصعيد حينما قال: إذا لم يتم الإفراج عن جميع الرهائن بحلول ظهر السبت فإن وقف إطلاق النار يجب أن ينتهي.
هذه التصريحات كانت كفيلة بوضع نتنياهو أمام معادلة صعبة فمن جهة هو يواجه ضغوط من عائلات الأسرى ومن جهة يواجه وزراء متطرفون ك سموتريتش وبن غفير الذين يرون أن أي تنازل لحماس هو هزيمة استراتيجية فيما الغضب الصهيوني يتزايد من التأجيل الإسرائيلي لمفاوضات المرحلة الثانية من الصفقة.
ويدرك نتنياهو وفق الواقع الداخلي بأن انهيار الاتفاق يعني فوضى سياسية داخلية توازيا مع تفاقم الانقسامات داخل حكومته.
كما أنّ الوضع الحالي يشكل اختبارا حقيقيا لقدرة الوسطاء خاصة مصر وقطر على ضبط إيقاع التفاوض.
يبقى السؤال الاشكالية حول ما اذا انهارت الصفقة الان ما يعني العودة إلى نقطة الصفر وستكون عودة مكلفة لجميع الأطراف ، وعليه فإن يوم السبت قد يصبح نقطة التحول الكبرى ، فإما تجد الأطراف طريقا للخروج من المأزق عبر ضغط الوسطاء أو تتجه المنطقة نحو تصعيد جديد قد يكون أعنف من ذي قبل.
خبراء في هذا السياق يستبعدون أن تعرقل اسرائيل المرحلة الثانية قبل استلامها كل الأسرى "الإسرائيليين"، الأحياء والأموات، ويعزون السبب الى أنه لا يمكن لها داخليًا أن تتحمل تحرير بعض الأسرى دون تحرير الباقين، لكن فيما لو بلغت المرحلة الثالثة بعد تحرير كل أسراها، فحينها لن تكون مقيدة بتاتًا بأي عائق، وستصبح قادرة على تجاوز الاتفاق، ولن تكون على عجلة من أمرها لتسهيل تنفيذ البنود الإنسانية والصحية لأبناء غزة، أو لإعادة الإعمار.
يتابع الخبراء قولهم أنه هنا سوف تستعين اسرائيل بخطة ترامب الجهنمية لتهجير أبناء القطاع، ظاهريًا بحجة استحالة أو صعوبة الإعمار بوجود السكان، وفعليًا لتنفيذ الترانسفير المخطط له بضغط ومتابعة من الرئيس ترامب.
ويرى الخبراء أن الموقفان الفلسطيني والعربي يبقيان أساسيين في الوقوف بوجه هذا المخطط الذي سيكون قاتلًا للقضية الفلسطينية، وحيث لا شكوك بتاتًا في موقف وصمود وثبات الشعب الفلسطيني، الأمر الذي أثبته في غزة ويثبته كل يوم في الضفة الغربية وفي القدس المحتلة، تبقى الشكوك واردة بقوة في الموقف العربي، وخاصة موقف كل من مصر والأردن المحرجتين دائمًا أمام الأميركي الذي يقدم للدولتين بعض المساعدات التي لطالما رهنت موقفيهما وموقعيهما.
يبقى الدرس المستفاد من كل جولات التصعيد السابقة هو أن الحسابات الضيقة لا تصنع استراتيجية طويلة الأمد، واذا كان نتنياهو يعتقد أن بإمكانه إدارة هذه الأزمة على طريقته المعتادة اي تأجيل القرارات الحاسمة حتى يجد نفسه مجبرا على اتخاذها فإنه قد يكتشف قريبا أن اللعبة هذه المرة أكبر منه.
اذا المشهد الحالي يوحي بأن الصفقة لم تنهر بعد لكنها بالتأكيد في العناية المركزة ولا يمكن لأي طرف أن يتراجع بسهولة دون أن يدفع ثمنا كبيرا لان الجميع يدركون أن أي تصعيد جديد قد يحمل عواقب غير متوقعة فالأيام القادمة حتما ستكون حاسمة في تحديد ما اذا كان الاتفاق سيستمر ام أنه سيلتحق بمصير العديد من سابقاته ، المشهدية معقدة ومصير الصفقة كفيل بأن تكشفه الساعات القليلة القادمة.