02 كانون الثاني , 2025

السماء اليمنية... ميدان السيادة وكسر الغطرسة الجوية

في فضاءٍ يعج بالطائرات المُسيَّرة والتكنولوجيا الحربية المتطورة، اختارت اليمن أن تقف وحيدةً في مواجهة آلة عسكرية عالمية تهيمن على الأجواء. لكنّ السماء اليمنية، التي أرادها المعتدون ساحةً مفتوحة لغاراتهم، تحولت إلى ساحة معركةٍ تكسر فيها الهيمنة، وتُبرز إرادة الشعوب أمام أعتى الأسلحة وأكثرها تطورًا. لم تكن المعركة بين طائرات MQ9، التي تمثل ذروة التقدم العسكري الأمريكي، وبين الدفاعات الجوية اليمنية مجرد مواجهة عسكرية، بل هي لوحةٌ من الصمود، والإبداع، والإصرار على كسر معادلة السيطرة الجوية.

حتى مطلع العام 2025، نجحت الدفاعات الجوية اليمنية في إسقاط 18 طائرة أمريكية من طراز MQ9، الطائرة التي تعد رمزًا للهيمنة الجوية الأمريكية. هذه الطائرات، المصممة لتنفيذ مهام هجومية واستطلاعية على ارتفاعات شاهقة وبأعلى درجات الدقة، لم تصمد أمام الإرادة اليمنية والإبداع في تطوير منظومات دفاعية محلية.

لم تكن عمليات الإسقاط حدثًا عابرًا أو إنجازًا تقنيًا فحسب، بل جاءت في سياق ملحمي يعبر عن قدرة الشعب اليمني على مواجهة العدوان بكافة أشكاله. الملفت في هذه العمليات أن 14 طائرة منها أُسقطت في إطار دعم معركة طوفان الأقصى، تحت راية الفتح الموعود والجهاد المقدس، مما يعكس بُعدًا إقليميًا ودورًا متقدمًا لليمن في دعم قضايا الأمة، وخاصة فلسطين.

توزعت عمليات إسقاط الطائرات عبر مختلف المحافظات اليمنية، لتؤكد أن المقاومة ليست حكرًا على منطقة بعينها، بل هي مشروع وطني شامل. في صنعاء، كانت البداية في 1 أكتوبر 2017، عندما أُسقطت أولى الطائرات، مما فتح بابًا جديدًا من التحدي.

في محافظة مأرب أُسقطت خمس طائرات في تواريخ مختلفة، من مارس 2021 وحتى يناير 2025، في دليل على استمرار الزخم العملياتي رغم محاولات العدو فرض سيطرة جوية.

أما صعدة، المعروفة بأنها معقل الصمود والمقاومة، فقد أسقطت أربع طائرات في غضون عام 2024، مما يُبرز الدور المحوري لهذه المحافظة في التصدي للعدوان. وفي الحديدة، المطلة على البحر الأحمر، شهدت ثلاث عمليات إسقاط بارزة، أكدت فيها اليمن أن مياهها الإقليمية ليست مفتوحة لاعتداءات الخارج.

طائرات MQ9، التي تُعد من الأحدث عالميًا، صُممت لتكون سلاحًا لا يمكن التصدي له بسهولة. بفضل قدراتها على التحليق الطويل والارتفاعات العالية، تُستخدم هذه الطائرة لتنفيذ ضربات دقيقة في مناطق الصراعات. ومع ذلك، استطاعت الدفاعات الجوية اليمنية، باستخدام منظومات محلية الصنع، أن تسقط هذه الطائرات مرارًا، وتُظهر للعالم أن التكنولوجيا المتطورة ليست مناعةً أمام الإبداع والإرادة.

يُعزى هذا النجاح إلى تطور خبرات القوات اليمنية في الرصد والتصدي، وهو تطور فرضته سنوات الحرب. ومن خلال إعادة تشكيل القدرات الدفاعية في ظل الحصار والعدوان، تمكن اليمن من صنع منظومات دفاعية قادرة على تحييد أحد أخطر الأسلحة الأمريكية.

إسقاط 18 طائرة MQ9 ليس مجرد إنجاز عسكري، بل هو رسالة سياسية تحمل أبعادًا متعددة. أولاً، تؤكد اليمن سيادتها الكاملة على أجوائها، رافضةً أي انتهاك مهما كان مستوى التفوق التكنولوجي للعدو. ثانيًا، تأتي هذه العمليات في سياق دعم معركة طوفان الأقصى، مما يعكس التزام اليمن بقضايا الأمة وموقعها المتقدم في محور المقاومة.

كما أن هذه الإنجازات تكشف عن تحول جذري في معادلة القوة الإقليمية، إذ لم تعد التفوق الجوي الأمريكي والإسرائيلي ضمانًا للهيمنة المطلقة. فاليمن، بقدراتها المحلية، استطاعت أن تخترق هذه المعادلة وتثبت أن الشعوب المقاومة قادرة على مواجهة أعتى الجيوش.

السماء اليمنية لم تعد مجرد فضاء للمعارك، بل تحولت إلى رمز للكرامة والسيادة. مع كل طائرة MQ9 تسقط، تُثبت اليمن أن الإرادة يمكنها كسر الغطرسة، وأن الشعوب التي تتمسك بحقوقها ستظل عصية على الهزيمة.

إنّ إسقاط الطائرات الأمريكية المتطورة ليس فقط انتصارًا عسكريًا، بل هو إعلان بأن السيادة لا تُمنح بل تُنتزع، وأن اليمن، بسمائه وأرضه وشعبه، سيظل شوكة في حلق المعتدين ومنارةً للصمود والتحدي.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen