عام 2024...عامُ المقاومات الكبرى ووحدة الساحات
عامُ 2024 لم يكن عاماً عادياً، بل كان زمنَ التحولات الكبرى والمقاومات العظيمة. من لبنانَ الذي ثبتَ قلعةً عصيّةً في وجه العدوان، إلى غزة التي قلبت موازينَ الردع، إلى اليمن الذي دكَّ عمقَ الكيان رغم الحصار، والعراق الذي واجهَ محاولاتِ الهيمنة بكلِّ عزمٍ وثبات والجمهورية الايرانية الحاضنة للأمة؛ إنه عامُ الوحدةِ بين الساحات، حيث توحدت الراياتُ وسقطت أوهامُ الاحتلال. ومع إشراقةِ عام 2025، يُرسمُ عهدٌ جديدٌ من النصرِ، حيث المقاومةُ عنوانُ المرحلة، والقدسُ أقربُ من أيِّ وقتٍ مضى.
عامٌ جديدٌ يُطِلُّ، لكنه ليس كأيّ عامٍ مرَّ على هذه الأمة.. فقد وُلِد من رحمِ الدماءِ التي نزفت، ومن صرخةِ أحرارٍ خطَّوا ملحمةَ القرن بمدادِ التضحيةِ والإباء. عامٌ طوَت فيه المقاومةُ مسافاتِ الزمن، وحطَّمت فيه قيودَ المكان، حيث اجتمعت إرادةُ المقاومين على تحريرِ الأرضِ وكرامةِ الإنسان.
إنه العامُ الذي حمل أسمى معاني العزةِ والصمود، فلم ينكسر فيه شعبُ غزةَ رغم الإبادةِ، ولم يَخضع فيه لبنانُ تحت نيرانِ العدوان. عامٌ وقف فيه اليمنيون بكلّ ما أوتوا من عزمٍ ورجولة، يواجهون الطائراتِ والصواريخَ في سمائِهم، ويردّون بقوةِ الحقِّ على الكيانِ الصهيوني في عمقِه، حيث دوَّت صواريخُهم في تل أبيب، وكتبوا فصلاً جديداً من أسطورةِ الصمودِ والإيمان.
عامُ 2024، لم يكن مجردَ صفحةٍ من التقويم، بل كان محطةً فارقةً في تاريخِ الأمة.. عامٌ عاش فيه العدوُ على حافةِ الهاوية، فاقدًا لأوهامِ أمانِه ومشروعِ هيمنتِه، ليجدَ نفسه أمام مقاومةٍ أشدّ إيمانًا وأقوى بأسًا. وكما قال الشهيدُ القائدُ سيدُ شهداءِ المقاومةِ الإسلامية السيد حسن نصر الله، فإنَّ النصرَ على العدوِّ بالنقاطِ أقسى عليه من الهزيمةِ في معركةٍ واحدة، فكيف إذا كانت تلك النقاطُ دماءً طاهرةً تُروى بها أرضُ فلسطين؟
عامُ 2024، عامٌ خطَّه الأحرارُ بمدادِ الدماء، وشهدت فيه الأمةُ صحوةً لا مثيلَ لها، حيث تعاضدت المقاوماتُ من لبنانَ إلى غزة، ومن اليمنِ إلى العراق فالجمهورية الاسلامية الايرانية، فصارت كتلةً واحدةً تقف بوجهِ الاحتلالِ وأعوانِه، وتعيد رسمَ معادلاتِ المنطقةِ بما يليقُ بأمتها وعزتها.
في لبنان، كان العامُ شاهداً على صمودِ شعبٍ ومقاومةٍ واجهت كلَّ أشكالِ العدوانِ الصهيوني، من حربِ الطائراتِ إلى تهديداتِ الحدود. وقف اللبنانيون، بدماءِ شهدائِهم وثباتِ مقاومتِهم، سدًّا منيعًا أمام العدو، مؤكدين أن أمنَ الكيانِ الغاصب لن يكون إلا وهماً، وأن أيَّ اعتداءٍ على أرضِهم سيُواجَه بنارٍ تحرقُ المستوطناتِ وتقلبُ المعادلات.
أما في غزة، فقد كان المشهدُ أكثرَ عمقًا وأشدَّ إيلامًا للعدو. عامٌ شهد ملحمةً استثنائية، حيث أبدع المقاومون في تحويلِ أزقّةِ غزةَ إلى ساحةٍ لكسرِ هيبةِ الاحتلال. صواريخُ المقاومةِ لم تهدأ، وعملياتُها النوعيةُ مزّقت أوهامَ الردعِ الصهيوني، وأثبتت أن غزةَ لا تُقهر، وأنها قادرةٌ على فرضِ إرادتِها مهما بلغت التضحيات.
وفي اليمن، كان الشعبُ المقاومُ يكتبُ فصلاً جديداً في ملحمةِ الصمود. رغم العدوانِ المستمرِ عليه، لم ينسَ قضايا الأمة، بل وجّه صواريخَه صوبَ قلبِ الكيان، دكَّ مطارَ بن غوريون ومواقعَ استراتيجيةً صهيونية. اليمنُ الذي واجه الحصارَ والجوعَ، أكد أن عقيدتَه ثابتةٌ، وأنه جزءٌ لا يتجزأُ من محورِ المقاومة، يحملُ القدسَ في قلبِه ويذودُ عنها بالسلاحِ والكلمة.
وفي العراق، كانت روحُ المقاومةِ متوهجة. فصائلُ الحشدِ الشعبيّ والمقاومةِ الإسلامية تصدّت لكلِّ محاولاتِ الهيمنةِ الأميركية والصهيونية على أرضِ الرافدين. من بغدادَ إلى الحدودِ مع فلسطين، امتدت يدُ المقاومين، معلنةً أن العراقَ لا يزالُ قلعةً منيعةً ضدَّ مشاريعِ الاحتلال، وأن إرادةَ الأحرارِ فيه لن تُكسر.
وفي مقابلِ ساحاتِ العزِّ والمقاومة، كان هناك من تخلّوا عن دورِهم وقضيتِهم، ممن راهنوا على تطبيعٍ ذليلٍ أو صفقاتٍ خاسرة، فباعوا القدسَ وشعبَها بثمنٍ بخس، ليجدوا أنفسَهم على هامشِ التاريخ، متفرجين على أمجادِ أمةٍ لا تنتظرُ المتخاذلين.
عامُ 2024 لم يكن مجردَ سلسلةِ أحداثٍ عابرة، بل كان محطةً مفصليةً أعادت ترتيبَ أولوياتِ الأمةِ وأظهرت قوتَها المتجددة. إنه عامُ الوحدةِ بين الساحات، من لبنانَ وغزة، إلى اليمنِ والعراق، حيث تلاحمت المقاوماتُ لتصوغَ معادلةَ الردعِ والكرامة.
ومع بزوغِ فجرِ عامِ 2025، يحملُ محورُ المقاومةِ رسالةً واضحة: زمنُ الاستفرادِ قد ولى، وزمنُ النصرِ الشاملِ يقترب. الكيانُ الصهيونيّ وأعوانُه لن يهنؤوا بالاستقرارِ، فالقدسُ أقربُ من أيِّ وقتٍ مضى، والنصرُ الذي بُني بالدماءِ والتضحياتِ بات قابَ قوسينِ أو أدنى.