المُقاومة مُستمرّة.. وميدانُ جباليا بؤرة استنزاف الاحتلال
كمائن نوعيّة وعمليّات فصائل المقاومة الفلسطينية تدخل مرحلة جديدة ، فيما يشكّل ميدانُ المواجهة في جباليا بؤرة استنزاف حقيقيّة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
شهراً وفصائل المقاومة الفلسطينية تُبدع في ادارة المعركة ، فعلى الرغم من التوغل الكبير والتدمير الواسع الذي ألحقته حرب الإبادة الجماعية في جباليا شمالًا حتى في مدينة رفح جنوبًا، فإن المقاومة تواصل عمليات القنص والتفخيخ المسبق والاشتباك من المسافة صفر، مكبدة جيش الاحتلال خسائر بالأرواح والعتاد "باهظة"، دفعته مؤخرًا للإعلان عن إنشاء 5 وحدات "احتياط" جديدة.
هذه العمليات النوعية يُعقّب عليها خبراء عسكريّون كاشفين عن ان قدرة المقاومة على تنفيذ عمليات في جباليا شمالي قطاع غزة الذي يتعرض لعملية إسرائيلية واسعة منذ 70 يومًا، تعكس تحول هذه المنطقة إلى بؤرة استنزاف حقيقيّة لجيش الاحتلال.
وفي تحليل للمشهد العسكري في القطاع، فإن الألوية الثلاثة الإسرائيلية التي تقاتل في جباليا تعتبر قوة كبيرة جدا على هذه المساحة الصغيرة ومع ذلك فإن المقاومة استطاعت التسلل والتحرك وتفخيخ المنازل.
علما أنّ هذه القوة الإسرائيلية قادرة تدمير منطقة جباليا بشكل كامل، الا انها عاجزة عن إنهاء وجود المقاومة التي صعّدت من عملياتها خلال الأيام الأخيرة وبطريقة تتطلب إعدادا مسبقا ودقيقا.
وبالنظر لقدرات المقاومة المحدودة في جباليا التي تعرضت لأكثر من عملية إسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فإن تنفيذ عمليات تفخيخ في الوقت الراهن يعني أنها جزء من تجهيز مسبق لمسرح العمليات.
اذ تشي عمليات المقاومة إلى دخولها مرحلة الاستنزاف التي تحاول من خلالها تعويض الفارق الكبير في موازين القوى بينها وبين جيش الاحتلال.
وفي هذا السّياق، قرر رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هليفي، تشكيل 5 ألوية احتياط جديدة، تحت مسمى "ألوية داوود"، هدفها تنفيذ عمليات دفاعية على مختلف الحدود، حيث تتكوّن قوات الاحتياط الإسرائيلية من الجنود الذين أنهوا الخدمة الإلزامية في الجيش، وتحولوا تلقائيا إلى الخدمة الاحتياطية، بحيث يتم استدعاؤهم لتلقي تدريبات عسكرية لفترة محدودة سنويا، للحفاظ على جاهزية دائمة للقتال.
هذه القوات تُعدّ إحدى ركائز الأمن القومي الإسرائيلي، وعنصرا أساسيًا في جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي تتكون بنيته من جيش نظامي صغير في الأوقات الاعتيادية، تدعمه قوات احتياط كبيرة، تنفذ مهاما عسكرية واستخباراتية ولوجستية في الحروب وأوقات الطوارئ.
ان خطوة تشكيل جيش الاحتلال الإسرائيلي 5 ألوية احتياط جديدة بحسب الخبراء العسكريين تهدف إلى تخفيف العبء عن قوات الاحتياط التي تعرضت للإنهاك بسبب العمليات المتواصلة على مختلف الجبهات.
فالحروب المتواصلة كالحرب على قطاع غزة التي استمرت 14 شهرا، والاشتباكات في جبهتي لبنان والجولان– أثرت بشكل كبير على اداء جيش الاحتلال.
وفي إشارة إلى تأثير هذه الخطوة، يرى الخبراء أن جيش الاحتلال يعاني من إرهاق نفسي وبدني نتيجة العمليات المستمرة، حيث أن الحرب على غزة والجبهات الأخرى كشفت الحاجة الملحة لتوسيع القوى البرية، في ظل الاعتماد المفرط على التكنولوجيا وتقليل أعداد الجنود.
وأمام صمود وبسالة المقاومة تبقى خيارات الاحتلال ضيّقة لجهة تفاديه خشائره البشرية والمادية فلا خيار أمامه الا مواجهة هذه المقاومة القادرة على تلقينه دروسا كثيرة تجعله يفكر مليا قبل إعادة خطئه في دخول غزة مرة أخرى.