الاحتلال يسعى لفرض وقائع جديدة: مفاوضات في الإعلام وجرائم في الميدان
تتكشف على الأرض في مدينة غزة مأساة إنسانية متصاعدة، عنوانها التدمير الشامل والتجويع الممنهج، إذ يواصل جيش الاحتلال عملياته العسكرية التي تستهدف البنية التحتية والمربّعات السكنية، بالتوازي مع فرض حصار خانق على الشعب الفلسطيني ومنع دخول أي مساعدات إنسانية.
تتركّز الأنظار على جولات المفاوضات الاخيرة، بينما تتواصل على الأرض عمليات التدمير والتهجير القسري التي ينفّذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة غزة.
ومن خلال ممارسات الاحتلال فيبدو أنه تطبيق فعلي لسياسة الأرض المحروقة وفرض معادلة الاستسلام أو الجوع، ضمن مساعٍ ممنهجة لإجبار مئات الآلاف من المدنيين على النزوح مع تشديد حصار خانق، وسط انهيار شبه كامل في مقومات الحياة الأساسية.
وبحسب شهادات ميدانية من داخل قطاع غزة يواصل جيش الاحتلال تفجير أحياء سكنية باستخدام عربات مفخخة، كما حدث مؤخراً في أحياء الشيخ رضوان والنصر شمال غربي مدينة غزة مع استخدام مكثف للجرافات وآليات الهدم في حي الكرامة، حيث تُسوّى مناطق بأكملها بالأرض.
الاستهداف لا يقتصر على شمال المدينة بل يمتد إلى الجنوب لا سيما في حي تل الهوى، حيث تستخدم قوات الاحتلال طائرات كواد كابتر لفرض حصار بالنار ومنع تحرك السكان داخل أحياء لم تدخلها الدبابات فعليا.
وإلى جانب العدوان العسكري، تنفذ قوات الاحتلال السارائيلي حربا عبر إعادة فرض المجاعة كسلاح ضغط على الفلسطينيين، ومنذ انطلاق العملية العسكرية الصهيونية في المدينة، اغلق منفذ زيكيم بالكامل، ومنع دخول أي مساعدات إنسانية أو غذائية إلى غزة. كما أُغلق شارع الرشيد، الذي كان يشكل شرياناً رئيسياً لنقل السلع من جنوب القطاع إلى شماله.
وبهذا ووفقا لشهادات الشعب الفلسطيني، ارتفعت أسعار المواد الأساسية بشكل حاد، إذ تجاوز سعر كيس الطحين في مدينة غزة 150 دولاراً، مقارنة بـ25 دولاراً في جنوب القطاع مما أدى إلى تفريغ الأسواق من المواد الأساسية خلال أيام قليلة.
وفي موازاة ذلك، يشهد القطاع أزمة حادة في المياه بعد استهداف الاحتلال لعشرات الآبار الرئيسة ومنع دخول الوقود اللازم لتشغيل ما تبقى منها مما ادى الى توقف عمل بلدية غزة.
ومن خلال ما تقدم وفي وقت لا زالت المفاوضات متعثرة يستغل العدو الاسرائيلي الوقت لفرض واقع ميداني يصعب تغييره عبر استنزاف السكان وتجفيف مقومات الحياة لديهم ضمن استراتيجية ممنهجة تهدف إلى إعادة تشكيل الواقع السكاني والجغرافي للقطاع.